.........

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    زوجة المكسيكي

    المحامي ليث وردة
    المحامي ليث وردة
    مشرف


    ذكر عدد الرسائل : 227
    العمر : 45
    مكان الإقامة : سلميــــــة :قصة الحب الأول والصوت الأول بعيداً عن شوارعها أصاب بالكساح وبدون رائحتها أصاب بالزكام
    تاريخ التسجيل : 11/10/2008

    زوجة المكسيكي Empty زوجة المكسيكي

    مُساهمة من طرف المحامي ليث وردة الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 12:18 am

    السيدتان سامية (أم ثائر) ورامية (أم نضال) تنحدران من طبقة اجتماعية عادية (إن لم نقل طبقة دنيا)، ولكنهما ارتقتا في السلَّم الاجتماعي، وصار لهما قول وشور، وقدر ومقدار، و(راس وبرناس)، بفضل ذكاء زوجيهما، أبي ثائر وأبي نضال، وكدهما، وتعبهما، ونضالهما الباسل ضد الاستعمار، والصهيونية، والإمبريالية، والعولمة، والرجعية، والطابور الخامس، وجميع أنواع المتآمرين والعملاء.. أما عن تحصيلهما العلمي فهو (لا شيء على الإطلاق)، لأن والد كل منهما، حينما كانتا صغيرتين، كان يقول لوالدتها، كلما لمح في يدها كتاباً، أو دفتراً، أو سمعها تجيء، بسيرة العلم على لسانها:
    - اسمعي يا حرمة، هني كلمتين ورد جوابهم: قولي لبنتك تنضب وتقعد، أحسن ما أضربها ضرب أخلي الدم ينشبُ من أنفها، وأفهميها، بالتي هي أحسن، أننا ناس ما لنا مصلحة بالعلم، لأن تعليم المرأة يفتح عينها على أشياء هي في أشد الغنى عنها. وإذا تعلمت الكتابة فإن أول شيء تفعله هو أن تكتب مكاتيب لشباب الحارة. والله عال، ناقصني بنتي أنا تكتب مكاتيب للشباب، وبعد المكتوب موعد، وبعد الموعد طلعة من البيت بحجة أنها رايحة تدرس مع رفيقتها، وبعد ما تطلع؟.. يا حبيبي، والله نقشت معنا!
    والوالدة، التي أصر حافظ إبراهيم على أنها مدرسة تختص بتخريج الشعوب العريقة! تؤكد صحة كلام الوالد، ورجاحة عقله، وتضيف قائلة، بلهجتها الحنونة، إن قبر المرأة بيت زوجها، وإذا صارت دكتورة فهمانة، أو بقيت طلطميسة و(ربي كما خلقتني)، آخرتها بودها تحبل وتجيب وتفك وتشطِّف وتحفِّض.. وعلى كل حال، يا بنتي، إذا تعلمت فك الحرف، ما في مانع، وإذا ما تعلمتيه أحسن لك ولنا، وأأمن.
    المهم في الموضوع أن الموارد المالية الجيدة التي كان يدرُّها النضال ضد الاستعمار، والصهيونية، والإمبريالية، والعولمة، والرجعية، والطابور الخامس، وأذناب الاستعمار، والمتآمرين والعملاء.. على زوجيهما، أبي ثائر وأبي نضال، جعلت سامية ورامية تعيشان في بحبوحة اقتصادية، تتمثل بوجود كل وسائل الترفيه عن النفس في البيت، بدءاً بالغسالات الأوتوماتيكية، ومكانس السجاد، والطناجر التي لا تلصق الطبيخ، ودقاقات الهبرة، وفرامات البصل والخيار، وانتهاءً بالساتلايت ذي المحرك الدوار الذي يلتقط ألف قناة تلفزيونية، وربما أكثر.
    ومن خلال تقليب واستعراض الألف قناة، على مدى شهور طويلة، توصلت السيدتان سامية ورامية، زوجتا المناضلين أبي ثائر وأبي نضال، إلى أن أفضل المسلسلات التي تعرض على الشاشات جميعاً إنما هي المسلسلات المكسيكية المدبلجة، الناطقة باللغة العربية الفصحى ((وهما لا تعرفان أنها مدبلجة، بل اعتقدتا أن أهل المكسيك أساساً يتحدثون بهذه اللغة!..)) وصارت كل منهما تعزم رفيقتها لمشاهدة إحدى حلقات أحد المسلسلات في بيتها، فترد عليها الأخرى بعزيمة مماثلة، شريطة أن تقع تكاليف لف الشعر والميش والبلياج والمانيكير والباديكير على حساب الداعية، وإذا حالت الظروف دون لقائهما لمشاهدة مسلسل مكسيكي مدبلج، يُبَثُّ في وقت متأخر من الليل، سرعان ما تتصل رامية بسامية، أو العكس، صباحاً، وتذاكران، عبر الهاتف، ما جاء في هاتيك الحلقة من أحداث لها علاقة بالحب والإغراء والاغتصاب والخيانة، بين (بيبيتا وجيوفاني، وبيثيا وفيدريكو باولو، ولويس أنريكه ولوليتا، وكاساندرا.. وعشاقها المدنفين).
    وفي ذات يوم، كان أبو ثائر، زوج سامية، مشاركاً في مهرجان خطابي ذي طبيعة عائلية، فذهبت راميا وسامية لحضور ذلك المهرجان. حينما صعد أبو ثائر إلى المنصة، وتبسم، وتنحنح، وشرع يخطب، باللغة العربية الفصيحة، كادت عينا رامية أن تخرجا من وقبيهما، والتفتت رامية إلى سامية وقالت لها:
    - ريتني إقبرك بإيدي يا سامية، وليك، من إيمتى جوزك بيحكي (مكسيكي) وأنا ما عندي خبر؟!
    فردت عليها سامية دافعة التهمة عن نفسها:
    - انشالله بصير أرفع من عود الكبريت يا رامية إذا كنت بعرف إنو جوزي بيعرف يحكي (مكسيكي)، برحمة البابا والماما، وغلاوة أبو ثائر والأولاد.. هاي أول مرة بشوفه وهوي عم يحكي مكسيكي!
    خطيب بدلة


    .......................................
    أجل إنني أنحني تحت سيف العناء ،
    ولكن صمتي هو الجلجلة ،
    وذل انحنائي هو الكبرياء ،
    لأني أبالغ في الانحناء ،
    .لكي أزرع القنـبـلة
    برهان سيفو
    برهان سيفو
    مشرف


    ذكر عدد الرسائل : 73
    العمر : 66
    مكان الإقامة : salameah
    تاريخ التسجيل : 06/10/2008

    زوجة المكسيكي Empty رد: زوجة المكسيكي

    مُساهمة من طرف برهان سيفو الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 9:32 am

    أهلا وسهلا بكم
    الصديق ليث وردة المحترم:
    لقد سررنا إذ وضعتنا و جها لوجه و مباشرة و باختصار ،أمام أهم أسباب غربتنا الحقيقية التي هي أحد مفرزات عصر رأس المال و أدواته عابرة القارات ،هذه التي لن تترك للبشر سوى أحد خيارين : أما أن نكون مجتمعا كله "سامية و رامية و زوجيهما المناضلين ضد الاستعمار " هؤلاء الذين قد وصلوا ببساطة لأنهم "وصوليون" إلى كل الملذات الدنيوية بلا عقل و بلا حاجة للموهبة،حيث امثالهم موهوبين بالفطرة! سبحان ربك القدير؟.
    و أما أن نكون من ذوي المعرفة و العقل و بالتالي سيكون علينا تذوق الحرمان نتيجة تنكرنا لمجتمع "سامية و رامية الأمي" و لكنه بأميته تلك مناضل ضد كل أشباح الدونكوشوتة، التي يتوهم أو يخترع ليحرز "بنضاله الدؤوب و الشرس" كنوز مغارة علي بابا و كودا الأسود.
    هنيئا "لسامية ورامية" أن أضحوا على بينة أن "فصيح عربيتنا" هي لغة المكسيك،و إلى وقت قادم سنجد فيه عامية عربيتنا في فهمهم لغة "الجنكلا"،إلى أين ستهرب من هذه العتمة يا صديقي الطيب،فأنت محاصر في اللحظة التي وضعوك بها الببغاوات و أسيادهم من "الحشرات البشرية "كما قالها الماغوط ذات مرة في مقابلة له"
    فإلى أن تنقشع ظلمات ليلنا الطويل،"و نعبر الجسر في الصبح خفافا إلى شرق جديد" كما كان يأمل خليل حاوي قبل انتحاره إعتراضا على ذلنا و هزائمنا،إلى ذلك اليوم لا يسعني و إياك سوى الانتظار ،لك تحياتي و حبي.
    _ برهان محمّد سيفو.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:01 pm