قرأت لكم
أوقف أبو عركوب اليعربي سيارتَه الأتوماتيكية الفول أوبشن موديل 2007 المصنوعة في كوريا الجنوبية بموجب ترخيص من شركة عابرة للقارات متعددة الجنسيات، أوقفها أمام محل فخم لبيع إكسسوارات الكومبيوتر والأقراص المدمجة التي تسمى (كومبيوتريك ديسك) وتختصر باسم (سي. دي) ومعظمها مصنوع في اليابان وكوريا ودول أوربية وآسيوية، وبعضها الآخر إسرائيلي المنشأ يتخفى بثياب شركات أوربية أو أمريكية!
كان أبو عركوب في تلك اللحظة غاضباً يحرق الأخضر واليابس ويتقاتل مع ذباب وجهه، فقد شاهد، ليلة الأمس، على شاشة تلفزيونه المصنوع في ماليزيا بموجب ترخيص من شركة بريطانية عملاقة، برنامجاً خاصاً تبثه إحدى الفضائيات العربية، عبر الأقمار الصناعية الأمريكية الصنع، وهي إما قناة (المستقلة) أو (الجزيرة)، ما عاد يذكر أيهما بعدما أدمن الفرجة على هاتين القناتين اللذيذتين، برنامجاً يدعو الإخوة العرب والمسلمين في كل أنحاء الأرض إلى إعادة ترتيب أولوياتهم، بحيث يَعتبرُ كلُّ واحد منهم أخاه وابن قومه ودينه عدواً له يجب عليه محاربته والاقتصاص منه، بدلاً من أن يحارب إسرائيل وأمريكا ويقتص منهما لقاء الخراب والدمار والقتل الذي ألحقتاه به وببلاده وشعبه عبر ثلاثة أرباع القرن من الزمان! وأبو عركوب اقتنع بهذه الدعوة الفضائية (الجزيرية) أو (المستقلة)، وتمنى أن يأتي أمامه أي مواطن من بلده يخالفه عن الرأي أو الدين أو المذهب حتى ينشب أظفاره في رقبته منتظراً أن تصفق له إسرائيل وأمريكا على هذا العمل البطولي الخارق!
دخل أبو عركوب إلى المحل، واتجه تواً نحو الفتاة السمراء الجميلة الجالسة وراء الصندوق وقال لها وهو يخرج من جيبه ورقة مكتوبة:
- ولادي، يا آنسة، بعيد عنك، عديمين تربية، تصوري واحد بدو يتفرج على أفلام محمد هنيدي، وواحد بدو أغاني عمرو دياب وفضل شاكر وهيفاء وهبي، وهذاك الكبير المعقد بدو يشوف أفلام المستر بين منشان (يتسهسك) ويتضحك متل البطرانين، وأنا من شهرين اشتريت من هالمحل بالذات الأعمال الكاملة لعمرو خالد، والولاد محتلين الكومبيوترات وما عم يتركوا لي مجال أتفرج عليها.
لاحظ الأخ أبو عركوب أن ابتسامة عريضة قد ارتسمت على وجه الفتاة السمراء الجذابة وهي تصغي إلى شكواه، فسارع إلى مصارحتها بأنه يعيش حياة البوس والشقاء مع زوجتيه الاثنتين.
ضحكت الفتاة وقالت بلهجة لا تخلو من دلع:
- ياي، حضرتك متجوز تنتين؟!
فشرع أبو عركوب يشرح لها، بحماسة منقطعة النظير، أن الأولى هي ابنة عمه التي تزوجها في أيام الفقر و(التعتير)، وإذا تناسينا أنها تقدمت في العمر وأن جمالها دون الحد المتوسط، لا نستطيع أن ننسى أنها (مكركبة ومهردسة) وعلى طول الخط تفوح منها روائح الطبيخ! والثانية تزوجها بردة فعل غاضبة تجاه إهمال زوجته الأولى له ولمزاجه، معتقداً أنها ستسعده، وإذا بها تطلع له، بعد أن تمكنت، واستبدت بقلبه وعواطفه، أفعى برأسين وعقرباً بإبرتين، مع أنه أسكنها في بيت دوبلكس، والسيراميك إيطالي، ومفروش من مجاميعه، لا تنقصه مكنسة السجاد المصنوعة في النمسا، ولا طناجر التيفال الفرنسية، ولا الجلاية الأوتوماتيكية المصنوعة في الدومينيكان. وهي لا همَّ لها غير الكذب واللوفكة وفوق هذا كله يدها خفيفة، تسرق من محتويات البيت وتهربه إلى بيت أهلها!
وبينما هو مسترسل في بث همومه للآنسة إذ رن موبايله المصنوع في هنغاريا بترخيص ألماني، فتح الخط وإذا بها زوجته الثانية تذكره بأن غداً يصادف عيد الحب، فشخر أبو عركوب ونخر واشمأز واشمأنط، وقال لها:
- تضربي في موديلك البطلان من سنة جدي الله يرحمو، بدك تحتفلي بعيد الحب؟ الظاهر ما بتعرفي إنو عيد الحب عادة غربية وإنو نحنا مجتمع شرقي إلو خصوصيتو؟
وأغلق الخط وقال للسمراء:
- أي والله أهلين وسهلين، تخيَّلي مرتي بنت أبو تنكة بدها تحتفل بعيد الحب! ولك وينك إنتي؟ قولي إنك موافقة وإلك علي إني أطلق التنتين وأتجوزك بدقيقة وحدة!
خطيب بدلة
كان أبو عركوب في تلك اللحظة غاضباً يحرق الأخضر واليابس ويتقاتل مع ذباب وجهه، فقد شاهد، ليلة الأمس، على شاشة تلفزيونه المصنوع في ماليزيا بموجب ترخيص من شركة بريطانية عملاقة، برنامجاً خاصاً تبثه إحدى الفضائيات العربية، عبر الأقمار الصناعية الأمريكية الصنع، وهي إما قناة (المستقلة) أو (الجزيرة)، ما عاد يذكر أيهما بعدما أدمن الفرجة على هاتين القناتين اللذيذتين، برنامجاً يدعو الإخوة العرب والمسلمين في كل أنحاء الأرض إلى إعادة ترتيب أولوياتهم، بحيث يَعتبرُ كلُّ واحد منهم أخاه وابن قومه ودينه عدواً له يجب عليه محاربته والاقتصاص منه، بدلاً من أن يحارب إسرائيل وأمريكا ويقتص منهما لقاء الخراب والدمار والقتل الذي ألحقتاه به وببلاده وشعبه عبر ثلاثة أرباع القرن من الزمان! وأبو عركوب اقتنع بهذه الدعوة الفضائية (الجزيرية) أو (المستقلة)، وتمنى أن يأتي أمامه أي مواطن من بلده يخالفه عن الرأي أو الدين أو المذهب حتى ينشب أظفاره في رقبته منتظراً أن تصفق له إسرائيل وأمريكا على هذا العمل البطولي الخارق!
دخل أبو عركوب إلى المحل، واتجه تواً نحو الفتاة السمراء الجميلة الجالسة وراء الصندوق وقال لها وهو يخرج من جيبه ورقة مكتوبة:
- ولادي، يا آنسة، بعيد عنك، عديمين تربية، تصوري واحد بدو يتفرج على أفلام محمد هنيدي، وواحد بدو أغاني عمرو دياب وفضل شاكر وهيفاء وهبي، وهذاك الكبير المعقد بدو يشوف أفلام المستر بين منشان (يتسهسك) ويتضحك متل البطرانين، وأنا من شهرين اشتريت من هالمحل بالذات الأعمال الكاملة لعمرو خالد، والولاد محتلين الكومبيوترات وما عم يتركوا لي مجال أتفرج عليها.
لاحظ الأخ أبو عركوب أن ابتسامة عريضة قد ارتسمت على وجه الفتاة السمراء الجذابة وهي تصغي إلى شكواه، فسارع إلى مصارحتها بأنه يعيش حياة البوس والشقاء مع زوجتيه الاثنتين.
ضحكت الفتاة وقالت بلهجة لا تخلو من دلع:
- ياي، حضرتك متجوز تنتين؟!
فشرع أبو عركوب يشرح لها، بحماسة منقطعة النظير، أن الأولى هي ابنة عمه التي تزوجها في أيام الفقر و(التعتير)، وإذا تناسينا أنها تقدمت في العمر وأن جمالها دون الحد المتوسط، لا نستطيع أن ننسى أنها (مكركبة ومهردسة) وعلى طول الخط تفوح منها روائح الطبيخ! والثانية تزوجها بردة فعل غاضبة تجاه إهمال زوجته الأولى له ولمزاجه، معتقداً أنها ستسعده، وإذا بها تطلع له، بعد أن تمكنت، واستبدت بقلبه وعواطفه، أفعى برأسين وعقرباً بإبرتين، مع أنه أسكنها في بيت دوبلكس، والسيراميك إيطالي، ومفروش من مجاميعه، لا تنقصه مكنسة السجاد المصنوعة في النمسا، ولا طناجر التيفال الفرنسية، ولا الجلاية الأوتوماتيكية المصنوعة في الدومينيكان. وهي لا همَّ لها غير الكذب واللوفكة وفوق هذا كله يدها خفيفة، تسرق من محتويات البيت وتهربه إلى بيت أهلها!
وبينما هو مسترسل في بث همومه للآنسة إذ رن موبايله المصنوع في هنغاريا بترخيص ألماني، فتح الخط وإذا بها زوجته الثانية تذكره بأن غداً يصادف عيد الحب، فشخر أبو عركوب ونخر واشمأز واشمأنط، وقال لها:
- تضربي في موديلك البطلان من سنة جدي الله يرحمو، بدك تحتفلي بعيد الحب؟ الظاهر ما بتعرفي إنو عيد الحب عادة غربية وإنو نحنا مجتمع شرقي إلو خصوصيتو؟
وأغلق الخط وقال للسمراء:
- أي والله أهلين وسهلين، تخيَّلي مرتي بنت أبو تنكة بدها تحتفل بعيد الحب! ولك وينك إنتي؟ قولي إنك موافقة وإلك علي إني أطلق التنتين وأتجوزك بدقيقة وحدة!
خطيب بدلة
