- اهتمام النقد بالتحليل الفكري
إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية
يمكننا القول أن النقد يهتم بالتحليل الفكري النابع من بؤرة معرفية تتميز بالتقويم والمعايير العقلية ،أكثر من اهتمامه بتحليل اللغة تحليلاً فقهياً ،فمهمة النقد سبر أغوار العلاقات الفكرية الاجتماعية والإنسانية والتماس معها بشكل يجعل اللغة المستعملة لغة معرفية تكون قادرة على تمكين المتلقي من فهم القراءات النقدية ، وهذا يعني أن الكتابات والنصوص بمفاهيمها الأدبية تتم أساساً في السياق اللغوي مع الآخرين .
اللغة النقدية تربط المتلقي بالنقد
أما بالنسبة للنقد ، فهو يرى أن البعد الشخصي للغة، يؤكد وسيلة الاتصال مع الغير، فالمفاهيم اللغوية تدل على أشياء توعز وتوحي بالعلاقات وهي لا تصف أشياء مستقلة ، بل إنها تجلب الموضوعات وتدل عليها ،وهذا يوضح الاهتمام النقدي بما يقال أن الوظيفة الأساسية للغة المعرفية بوصفها تربط المتلقي بالكاتب لذا يمكننا أن نرى النصوص المكتوبة أو على الأقل جزءاً منها ، وهي ليست مجرد شيء في العالم أو أنها بعيدة عنه ألا وهي تقوم على التقابل بين الظاهرة وشيء في الكتابة ومع ذلك ليست الظاهرة هي لحظة محددة وإنما هي سلسلة متناسقة من المظاهر ،ولعل الرواية العربية كانت إحدى الظواهر الحقيقية التي تبين أن العلاقات البنائية المتداخلة في النصوص هي الإمكانية القادرة على خلق بؤر نقدية جادة تعمل من خلال تجارب تكون في حالة من التوازن الذي يؤكد الإمكان والمستقبل ويظهر عمل الإرادة الفكرية ، ونرى ذلك في صلب اهتمامات الدكتور الناقد دريد الخواجة في كتابه إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية ، فهو يضعنا أمام جدلية جادة تعتمد الفكر والقوة المعرفية مبتعداً عن صف المفردات ومناقشة المضامين .
- الانشغال بالنصوص الرائدة
لقد تغلب الناقد إلى حد ما من خلال تاريخه النقدي على أغلب العقبات التي وقفت في تعقبه للنصوص بل استطاع النجاح على بعض المقولات التي أصبحت شبه ثابتة لا يمكن تجاوزها ، وتمكن من أن يجلب الأشياء إلى قربه وجعلها في متناول يده .
لقد شعر الناقد الدكتور دريد الخواجة بأن الانشغال في النصوص الرائدة يؤدي إلى اضطراب في المنظر العام لهذا السياق فهو يعلم بأنه حيثما يكون هناك وعي مكثف للموقف فقد يؤدي ذلك إلى ما يشبه التقيد وعدم القدرة على التحرك ضمن الإرادة الحقيقية ، فالكاتب الشهير نجيب محفوظ هو الموقف المقلق للناقد والمؤثر الجاد في عملية الفعل النقدي لبناء قيمة كتابية معرفية حيث يظهر لنا الفعل الإرادي متداخلاً مع الفعل الكتابي الماهر ليأتي الناقد بفعله النقدي مفككاً هذا النص إلى شرائحه النقدية التي توضح أركان المبنى الذي وقف عليه النص .
( إن حركة التاريخ في العوامة توحي دائماً بالعدم ، مع أن أحداث الرواية تسير في زمن متلاحق نسبياً ،إلا أن الوجود الزماني للشخوص يشكل حيزاً واسعاً من الزمان والشخوص الإنسانية المنتزعة تستقطب الوجود الإنساني كله متحدية عنيفة في مواجهة الوجود الكوني ) ص15
تحديد الروايات يتناول عالم الوعي وآلية الكتابة
إن البحث النقدي الرامي إلى معرفة المكان الأمثل لاستقبال الموجات الكتابية المنبئة قد خلقت عند الناقد دريد الخواجة نوعاً من التوغل ومن المفيد أن نحدد الروايات التي تتناول عالم الوعي وآلية الكتابة ، فالناقد بهذا الصدد يعمل مع الغريب من النصوص ويلفت الانتباه إلى إقرار الجودة والحامل لهذه النصوص ، فهو يرى بأن هناك نصوصاً تعد سلفاً لتكون مركزاً للكتابة النقدية وإن تأثيرها ناجم عن المنابع الخفية الموجودة فيها وحاول الناقد الخواجة وبجدية أن يزودنا بنظريته النقدية في كتابه ( إشكاليات الواقع والتحولات الجديدة في الرواية العربية ) فهو يرى أنها تحتوي جميع الأزمنة النقدية وهي ليست أيسر إدراكاً من لحظة محددة الموقع في الزمان لأن إدراكها إنما يعني التغلب على تناقضات الحاضر والماضي والمستقبل ،إنها رؤية نقدية تحتوي جميع الاحتمالات وهي لحظة فكرية تحتوي الأزمنة ولا يمكن إدراكها وتأويلها إلا
لناقد يحتوي وعيه الإشكاليات حيث أن مركز الكتابة النقدية هو نقطة التوازن التي يجد فيها الناقد نفسه ، وأن
مركز النقد هو النقطة التي تتوافق فيها جميع المعطيات النصية ففي هذه النقطة يقوم التأليف بين الحدود المتناقضة والمنطلق التمييزي للنقد ،فيضيف الناقد الدكتور الخواجة إن النقد يحرك جميع الأشياء بنشاطه الفاعل لأن نشاطه يتجدد فيه كل تطلعات الكتّاب المبدعين، فالرواية هي حجر الزاوية في العمل النقدي لما لها من أهمية على التطور المعرفي وهي عملية فكرية اخفائية ، تترجم نزوعاً عميقاً يجسد التطلعات الإنسانية فالكاتب الخواجة يرى أن كل شيء يجعله يعتقد بوجود النقد عندما ينهمك في قراءة الرواية لأنها تستخدم لإيصال مراميها طرائق كثيرة تدخل المتلقي في دوامة التشكيك والهلوسة بحدود الواقع وهذه المسألة ليست النقطة الوحيدة بل هنالك نقاط أخرى يستحضرها الناقد بجرأة وشجاعة .
( إذن لا يعنينا ذلك من وجهة النظر هذه ،لأن فكرة العدمية هي الأساس والمحور الذي يدور حوله أي عمل فني لا معقول ،وما يمكن قوله بالنسبة إلى الثرثرة فيما يتعلق بهذا التشابه بين عمل فني معين وعمل فني آخر هو أن أفكاراً عدمية ألبسها نجيب محفوظ – مختصرة –لباس الشخوص الملتفة حول الجوزة والجمر ،ف :هذه الشخصيات ليست حقاً شخصيات عبثية تتخذ من العبث فلسفة في الحياة بقدر ما هي شخصيات أقرب إلى المجون والأغلال أو الغموض والاستهتار ) ص22
النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني
لقد أدرك الناقد د:دريد الخواجة أن النقد ليس موجوداً في داخله فقط بل إنه ترابط مع ما هو خارج ذهنه فالنقد بنظره مشاعر قصدية أي أنه يتجه نحو حالات معينة ويرى بأن الحالات النقدية تكون في بعض الأحيان لاتناسب الحالات التي تقصدها دائماً قد نجد قائلاً إنه يشعر بالإحباط من بعض التحليلات النقدية التي يكتبها بعض النقاد وهناك اعتبارات كثيرة تدعم فكرة الناقد د:الخواجة عندما يؤكد أن النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني وعنصر من عناصر تكوينه وهو يحتاج في ذلك إلى إشغال نفسه في مشكلات المعرفة ومناقشتها فهو يلاحظ الخصائص التي تؤجج الفعل النقدي في حياة الأفراد وكيف تبنى العلاقات النقدية في المجتمع ، فالمفهوم النقدي الاجتماعي يفيض على ما حوله ويتجاوز حدود الوجود الفردي ولا يكون النقد الجمعي فاعلاً إلا داخل الواقع الاجتماعي أي الوجود مع الآخرين .
( يقول محمد الجاسم لكن السيد سميح ليس مزارعاً فقط ، السيد سميح طلبه لا يخيب عند الحكومة فوق ، ويضيف حواس : في عينيه قوة رجال الحكومة ص 10 إذن ثمة علامة حكومية مشبوهة تدعم المشروع أو على الأقل متشاركة مستمرة ولا يعقل لمثل هذا المرابي الخبيث يخاطر بعدم توفر هذه العلاقة التي بدا أن لها – دعامات قوية في كل الدوائر ) ص 86
علي الصيرفي
إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية
الدكتور :دريد يحيى الخواجة
يمكننا القول أن النقد يهتم بالتحليل الفكري النابع من بؤرة معرفية تتميز بالتقويم والمعايير العقلية ،أكثر من اهتمامه بتحليل اللغة تحليلاً فقهياً ،فمهمة النقد سبر أغوار العلاقات الفكرية الاجتماعية والإنسانية والتماس معها بشكل يجعل اللغة المستعملة لغة معرفية تكون قادرة على تمكين المتلقي من فهم القراءات النقدية ، وهذا يعني أن الكتابات والنصوص بمفاهيمها الأدبية تتم أساساً في السياق اللغوي مع الآخرين .
اللغة النقدية تربط المتلقي بالنقد
أما بالنسبة للنقد ، فهو يرى أن البعد الشخصي للغة، يؤكد وسيلة الاتصال مع الغير، فالمفاهيم اللغوية تدل على أشياء توعز وتوحي بالعلاقات وهي لا تصف أشياء مستقلة ، بل إنها تجلب الموضوعات وتدل عليها ،وهذا يوضح الاهتمام النقدي بما يقال أن الوظيفة الأساسية للغة المعرفية بوصفها تربط المتلقي بالكاتب لذا يمكننا أن نرى النصوص المكتوبة أو على الأقل جزءاً منها ، وهي ليست مجرد شيء في العالم أو أنها بعيدة عنه ألا وهي تقوم على التقابل بين الظاهرة وشيء في الكتابة ومع ذلك ليست الظاهرة هي لحظة محددة وإنما هي سلسلة متناسقة من المظاهر ،ولعل الرواية العربية كانت إحدى الظواهر الحقيقية التي تبين أن العلاقات البنائية المتداخلة في النصوص هي الإمكانية القادرة على خلق بؤر نقدية جادة تعمل من خلال تجارب تكون في حالة من التوازن الذي يؤكد الإمكان والمستقبل ويظهر عمل الإرادة الفكرية ، ونرى ذلك في صلب اهتمامات الدكتور الناقد دريد الخواجة في كتابه إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية ، فهو يضعنا أمام جدلية جادة تعتمد الفكر والقوة المعرفية مبتعداً عن صف المفردات ومناقشة المضامين .
- الانشغال بالنصوص الرائدة
لقد تغلب الناقد إلى حد ما من خلال تاريخه النقدي على أغلب العقبات التي وقفت في تعقبه للنصوص بل استطاع النجاح على بعض المقولات التي أصبحت شبه ثابتة لا يمكن تجاوزها ، وتمكن من أن يجلب الأشياء إلى قربه وجعلها في متناول يده .
لقد شعر الناقد الدكتور دريد الخواجة بأن الانشغال في النصوص الرائدة يؤدي إلى اضطراب في المنظر العام لهذا السياق فهو يعلم بأنه حيثما يكون هناك وعي مكثف للموقف فقد يؤدي ذلك إلى ما يشبه التقيد وعدم القدرة على التحرك ضمن الإرادة الحقيقية ، فالكاتب الشهير نجيب محفوظ هو الموقف المقلق للناقد والمؤثر الجاد في عملية الفعل النقدي لبناء قيمة كتابية معرفية حيث يظهر لنا الفعل الإرادي متداخلاً مع الفعل الكتابي الماهر ليأتي الناقد بفعله النقدي مفككاً هذا النص إلى شرائحه النقدية التي توضح أركان المبنى الذي وقف عليه النص .
( إن حركة التاريخ في العوامة توحي دائماً بالعدم ، مع أن أحداث الرواية تسير في زمن متلاحق نسبياً ،إلا أن الوجود الزماني للشخوص يشكل حيزاً واسعاً من الزمان والشخوص الإنسانية المنتزعة تستقطب الوجود الإنساني كله متحدية عنيفة في مواجهة الوجود الكوني ) ص15
تحديد الروايات يتناول عالم الوعي وآلية الكتابة
إن البحث النقدي الرامي إلى معرفة المكان الأمثل لاستقبال الموجات الكتابية المنبئة قد خلقت عند الناقد دريد الخواجة نوعاً من التوغل ومن المفيد أن نحدد الروايات التي تتناول عالم الوعي وآلية الكتابة ، فالناقد بهذا الصدد يعمل مع الغريب من النصوص ويلفت الانتباه إلى إقرار الجودة والحامل لهذه النصوص ، فهو يرى بأن هناك نصوصاً تعد سلفاً لتكون مركزاً للكتابة النقدية وإن تأثيرها ناجم عن المنابع الخفية الموجودة فيها وحاول الناقد الخواجة وبجدية أن يزودنا بنظريته النقدية في كتابه ( إشكاليات الواقع والتحولات الجديدة في الرواية العربية ) فهو يرى أنها تحتوي جميع الأزمنة النقدية وهي ليست أيسر إدراكاً من لحظة محددة الموقع في الزمان لأن إدراكها إنما يعني التغلب على تناقضات الحاضر والماضي والمستقبل ،إنها رؤية نقدية تحتوي جميع الاحتمالات وهي لحظة فكرية تحتوي الأزمنة ولا يمكن إدراكها وتأويلها إلا
لناقد يحتوي وعيه الإشكاليات حيث أن مركز الكتابة النقدية هو نقطة التوازن التي يجد فيها الناقد نفسه ، وأن
مركز النقد هو النقطة التي تتوافق فيها جميع المعطيات النصية ففي هذه النقطة يقوم التأليف بين الحدود المتناقضة والمنطلق التمييزي للنقد ،فيضيف الناقد الدكتور الخواجة إن النقد يحرك جميع الأشياء بنشاطه الفاعل لأن نشاطه يتجدد فيه كل تطلعات الكتّاب المبدعين، فالرواية هي حجر الزاوية في العمل النقدي لما لها من أهمية على التطور المعرفي وهي عملية فكرية اخفائية ، تترجم نزوعاً عميقاً يجسد التطلعات الإنسانية فالكاتب الخواجة يرى أن كل شيء يجعله يعتقد بوجود النقد عندما ينهمك في قراءة الرواية لأنها تستخدم لإيصال مراميها طرائق كثيرة تدخل المتلقي في دوامة التشكيك والهلوسة بحدود الواقع وهذه المسألة ليست النقطة الوحيدة بل هنالك نقاط أخرى يستحضرها الناقد بجرأة وشجاعة .
( إذن لا يعنينا ذلك من وجهة النظر هذه ،لأن فكرة العدمية هي الأساس والمحور الذي يدور حوله أي عمل فني لا معقول ،وما يمكن قوله بالنسبة إلى الثرثرة فيما يتعلق بهذا التشابه بين عمل فني معين وعمل فني آخر هو أن أفكاراً عدمية ألبسها نجيب محفوظ – مختصرة –لباس الشخوص الملتفة حول الجوزة والجمر ،ف :هذه الشخصيات ليست حقاً شخصيات عبثية تتخذ من العبث فلسفة في الحياة بقدر ما هي شخصيات أقرب إلى المجون والأغلال أو الغموض والاستهتار ) ص22
النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني
لقد أدرك الناقد د:دريد الخواجة أن النقد ليس موجوداً في داخله فقط بل إنه ترابط مع ما هو خارج ذهنه فالنقد بنظره مشاعر قصدية أي أنه يتجه نحو حالات معينة ويرى بأن الحالات النقدية تكون في بعض الأحيان لاتناسب الحالات التي تقصدها دائماً قد نجد قائلاً إنه يشعر بالإحباط من بعض التحليلات النقدية التي يكتبها بعض النقاد وهناك اعتبارات كثيرة تدعم فكرة الناقد د:الخواجة عندما يؤكد أن النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني وعنصر من عناصر تكوينه وهو يحتاج في ذلك إلى إشغال نفسه في مشكلات المعرفة ومناقشتها فهو يلاحظ الخصائص التي تؤجج الفعل النقدي في حياة الأفراد وكيف تبنى العلاقات النقدية في المجتمع ، فالمفهوم النقدي الاجتماعي يفيض على ما حوله ويتجاوز حدود الوجود الفردي ولا يكون النقد الجمعي فاعلاً إلا داخل الواقع الاجتماعي أي الوجود مع الآخرين .
( يقول محمد الجاسم لكن السيد سميح ليس مزارعاً فقط ، السيد سميح طلبه لا يخيب عند الحكومة فوق ، ويضيف حواس : في عينيه قوة رجال الحكومة ص 10 إذن ثمة علامة حكومية مشبوهة تدعم المشروع أو على الأقل متشاركة مستمرة ولا يعقل لمثل هذا المرابي الخبيث يخاطر بعدم توفر هذه العلاقة التي بدا أن لها – دعامات قوية في كل الدوائر ) ص 86
علي الصيرفي