.........

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    دراسة نقدية عن الشاعر نهاد رشيد من علي الصيرفي

    aliserafi
    aliserafi
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    ذكر عدد الرسائل : 61
    العمر : 75
    مكان الإقامة : سورية حمص
    تاريخ التسجيل : 23/02/2009

    حصري دراسة نقدية عن الشاعر نهاد رشيد من علي الصيرفي

    مُساهمة من طرف aliserafi الأحد مارس 01, 2009 12:25 am

    أنفاس العمر الجميل

    إن الشعر مقدس لا لشيء إلا لأنه يخرج من القلب

    ومن عمق المشاعر

    الشاعر نهاد رشيد

    الشعر ارتقاء في المكانة، وخلود مع الزمن،فالمقام الشعري يعلو بخصوصيتة المبدعه ،وإن هذا المكان الذي تدور فيه عوالم الشعر والتي تبزغ منه مراحله الروحية ومقاماته ،تعادل قوة الخيال والمعرفة، ومخازن العواطف والأحاسيس ، فخلود المكانة هي الأديب الذي يطلب المقام بالجد، ويغرف الأمل بالفكر ،فيجمع علو المقام بالتسامي ،وخلود المكانة بالمعرفة فالشعر غاية بحد ذاته، ومعرفة مقرونة بالعمل بعيدة عن الزهو والغرور ، وكأنما الشاعر نهاد رشيد أراد أن يقول :إن الشعر مقدس لا لشيء إلا لأنه يخرج من القلب، ومن عمق المشاعر ، وومضات الدماغ ، وهكذا يحاول الشاعر إثبات الفكرة بالكتابة الشعرية ، وتحقيق التأثيرات على أنها توحي بالإبداع ،وإنها القوة التي تسري في هيكل القصيدة فتحرك ينابيع المشاعر لتفرز الكلمات المعبرة ، فالشعر في مرآة الشاعر هو كل قطف من الكلام ونسج من الهواجس والإرهاصات عبر الزمان إلى يومنا هذا ، والشعر لا نهاية له ، فهو ربط بين الهدف والظواهر التي يعيشها الأديب ، فالتعامل مع الشعر هو إبانة عن العلة الفاعلة في تكوين الخير والعلاقات الخارجية للسعادة ، فالإنسان هو الذي يعرض نفسه للمخاطر، ولديه استعداد لأن يضحي بنفسه في الأزمات الكبيرة مقتنعاً أن الحياة لا قيمة لها في ظروف معينة ويزج الشاعر نفسه في صراعات تسبب الانكسار في شاقولية المجتمع ، ضمن مرايا متشظية من هول الواقع منصرفاً إلى قميص صوفي يجلد فيه التناقض البادي في حركة الكلمة الشعرية، فالإنسان في قصائده يحاول معرفة الأشياء وتمثلها ،وهذا يظهر واضحاً في ديوانه (أنفاس العمر الجميل)

    1- التمرد وتحديات الواقع

    لقد عرف الشاعر الداء وحاول أن يخلق الدواء الذي يغير قليلاً من قسوة الضغوط وما يفرض على المجتمع ، فالفكر عند الشاعر يتألق ويذوب في مراجل الشعرية الملتهبة فيتعامل مع خطوات تشكيلية في تطوير أفكاره من ضمنها التداخل في طبيعة الإنسان وقضايا الصراع والانكسار ، فالبؤس يحتل الأماكن كلها ويختزل التطور ويقزم صهوات الخيل وحراب الصراع ، فتبدو الأمور على نقيض ما هو مطلوب أن يكون فالفقر يحرم الجياع رغيف الخبز ويرمي بكل شيء إلى جحيم التناقضات والشاعر يقدم نفسه كما السنبلة ليكون مصدر نور وضياء في عيون الأرض مبشراً بالخصب والعطاء .

    ويستمر الشاعر نهاد رشيد في ضخ الكثير من الأفكار محاولاً تفجير كل شيء فهو يرى بأن الحب يبدأ بانفجارات الثورة فيعمل على عدم التقهقر والاعتذار لأنه وجد أن الاعتذارات لا تزيد المرء إلا انكساراً وذلاً .

    يريدون منك اعتذاراً

    فلا تعتذر

    يريدون منك انحناءً

    كقوس الركوع

    ولوناً حزيناً كضوء الشموع

    يريدون منك اعتذاراً بريئاً

    كوجه البلاهة فلا تعتذر

    فإن البلابل ترحل

    نحو الجنوب المضيء

    مرايا من الفرحة الدائمة

    ص- 13-14أنفاس العمر الجميل

    ويصر الشاعر على الوقوف والنهوض رغم القهر والتعسف والنيل من الكرامات ، ويحاول الأديب في نسف مقدمات خاطئة يريدون إقناعه بها فيرفضها كاملة ، فالقباحة لا يمكن أن تكون جمالاً والنجاسة لا يمكن أن تصبح طهراً ، ويتابع الشاعر تناول ما لم يتجرأ على تناوله أي شخص ما ، فهو يقول بأن كل شيء يمكن أن تحصل عليه إذا تحولت عن قيمك ومبادئك ، فكلما تنازلت عن حقك كلما كبر حجم وسام الذل الذي ستناله ، إنها هزيمة النفس الجمعية التي تهتز أمام كل النكبات التي جاءت مستوردة من كل أصقاع العالم لتحل فوق رؤوس أناس مجتمع الشاعر .

    يريدون أن يمنحوك وساماً

    وبيتاً وسيفاً

    بحجم اعتذارك

    فهل ستساوي قصور الغزاة

    ذريرة رمل من تراب الوطن

    ص-16

    الحركة الشخصية في الرؤية والتفكير:

    تمثلت مشكلة الحركة في الجملة الشعرية عند الأديب بشخصانيته ورؤيته الفكرية فحرك التجربة الشعرية ضمن الوعاء المعرفي والذي يحدد كل التنبؤات التي تؤكد أن الشعر يرتبط عند الشاعر بمفهوم الوجود ، فهاهو يرّجع الماضي ضمن دوائر من الحزن والأسي بمناجاته لجده وندمه على ما فرط ، وكأنما أراد محاسبة سريعة لنفسه ، فالجد هو الأنا الجمعية في نظر الشاعر ومخزون الفكر لروحه .

    إن تكسر الرؤية وترمد نيران الشوق تدفع بالشاعر إلى لوم نفسه بعدم مصاحبة هذا الجد إلى مداخل المعرفة ، فالأشياء الهامة تفتح من أبوابها ، وكأنه مقتنع بأنه لم يصل إلى الباب الذي ولج منه الجد .

    ما كنت رفيقك في الليل إلى باب المسجد

    لم أسندك بكتفي

    ووحيداً كنت تدب بعكازك

    في آخر الوقت

    وسياط البرد تلفك

    مثل أفاع مجنونة ص25



    غير أن الشاعر يرى في جذوة الأنا الأعلى روحاً تخفق وتطير وتجلس قرب الموقد الوطن والروح النفس الهادئة التي لا يمكن الخروج منها فأول خطوة قفز إليها الشاعر هو استدلاله على أنها أقوى الحجج فهذه التساؤلات هي مفكرته لأنها ذاته الواعية ، إنها غربة يلاحظها الشاعر في عالم تشعبت فيه الأماكن فهو محاصر بالرعب والقهر وأعصابه تقطع، ويدرك بأنه لم يجد شجر الزيتون والتين ، إنها لحظات من التأمل ، كيف يجرد من كل شيء ، لقد هبط ذاك الجد من مكان بعيد من عالم النسيان ولم يغرس ، وحتى الذكرى تجعل الشاعر صغيراً في ليالي البرد والصقيع شتات يفتت القلب ويضرم النار في ذاكرة تريد الخلاص من ملوثات الحاضر .

    فلماذا حين تمر أحاديثك

    أشعر أني برعم ورد مهجور

    في ليلة برد

    لم أحمل تابوتك يا جدي

    بين الأخوة والأحفاد

    لم أزرع غصن النخل على قبرك

    فلماذا يأتيني صوتك من قلبي

    وأجد بأنك تولد من روحي ثانية

    وتعود ص28

    إنها الولادة وهي الدعوة الجديدة لخروج الحفيد ، والماضي هو الجد والصوت القادم من أعالي الجبال حيث البرد والثلج وتجمد الذكريات مفردات من التفكير والتناثر فالرحلة شاقة طويلة وبعيدة ، لقد تمكن الشاعر من اختيار الحقيقة ،لأنه اتجه صوب الفكر مباشرة فعندما يكون الموضوع الذي يرتبط به الأديب هو الحقيقة فإن فكره فقط يعد بأنه يمتلك الحقيقة فهو يعرف كيف يقرأ المكان والزمان وأزمة الفرد الكائن ومروره عبر دهاليز المفاهيم وعاهات التقاليد والأعراف البالية وسطوة القوة وتمزق الأنسجة الموصولة بالجميع في عالم الشاعر ، فالغربة والهجرة – وتراكم الحزن يمنع الأشياء أن تعود ، فالراحل وسط الليل يصير سراب والعلاقة مع الآخر طابع متناقض ومحبط

    لم يحاول الشاعر أن يصنع مهذباً بل حرك أفكاره ،ليجد نفسه أمام الآخر حيث تاقت روحه إلى التحرر من أخطاء تراكمت فالحياة تخلق كل الأشياء وتحرك بوصلة القلب ، وتضيء ساحات حياته أفكار ربيعية تغير كل الظلمات التي تنسج عباءاتها حوله فالحياة كالبحر، الأسماك تأكل بعضها ، وكل شيء لا يعود إلا بقوة الوسيلة ، فإذا نما الطحلب فوق السيف لم يعد سيفاً ، والعودة إلى البدء رسالة الآخر بالتساوي .

    من هذا الطين خلقنا

    وإلى هذا الطين نعود

    داهمني الخضر الهائم

    في الدنيا

    وخيول النار تحط على الرمل

    وتنتحر ص-49

    إن حياة الكائن هو العقل وهو شرط السعادة وضبط النفس وتناسق الرغبات والاعتدال وهي ليست مسلكاً أو هبة إنها خبرة الشاعر التي نالها بعد العناء والتعب فهو يرى بأن بين الفضيلة والجبن نجد الشجاعة

    على درج من حجر

    كان يبكي القمر

    ويسأل موج الشواطئ

    ويرسل عينيه بين الملاجئ

    يفتش عن فرس داهمتها خيول الخزر ص87- 88

    إنها علاقة الشاعر بالمكان وهمجية الآخر الذي يحرق المسافات ويعطل حياة الأمكنة فالغزاة من كل الجهات قادمون ، وهو يفتش عن فرس يريدها قادرة على صد هذه الجيوش ، فاسمه يبدأ من مكان .

    إني أرى منزلاً للغضب

    وسيفاً عتيقاً

    وأوراق شعر رواها العرب ص 89

    إن هذا المكان ينهض في داخل الشاعر لينحر فيه خيول الردة والجبن والخوف ، فهو مسكون بالقوة حيث يجمع في قلبه ليلاً وبحراً وطفلاً صغيراً ودالية للعنب

    التشكيل الغيبي وارتباط البعد الوجداني في بنية القصيدة

    الرؤية لأن الدرب صار وعراً وضاقت المسالك . سيكون الشاعر ذلك الإنسان الذي لا نجد فيه نقصاً في معرفته وموضوعيته ، وهدوئه ورقته فهو يعرف أن الغضب ليس لصالحه فيظل منسجماً مع نفسه والآخرين فكلمات الشاعر تصخب موج التداعي أمام المتلقي ليرحل عبر الوجدان الذي يخلق القصيدة فكل كلمة بحاجة إلى الكثير من التأني في التأويل ، فالتداعي يتيح للأديب أن تتحلى كتاباته بقوة النفس وتدخل العقل بكل حدوده الممكنة فلنفكر بأحلامنا فهي ليست عبثية بل عقلنا هو الذي يكشف عنها في حالة اليقظة .

    اسمع وقع خطاك

    وحين الثلج يحاصرني

    في الطرق الصعبة

    تخفق روحي وتطير بعيداً وبعيداً ص25

    لقد عمل الشاعر من خلال هذه التداعيات كي تتيح له الدخول في آلية وجدانية بجوهرها لتحدث وسواساً يتيح له كشف هذه التداعيات فهو يراها شرحاً دقيقاً لكل ما يجري وليست فوضى وإنما هي الواقع الذي يصب قوته وجبروته أمامه ربما كان وقع الخطا يرمز إلى الوحشية والقوة وربما للعزيمة والثبات والثلج للطهارة - والبياض للضبابية وعدم انسجام الرؤية لأن الدرب صار وعراً والمسالك صارت موحلة

    وصيف
    وصيف
    مشرف


    ذكر عدد الرسائل : 105
    العمر : 40
    مكان الإقامة : مصر
    تاريخ التسجيل : 10/10/2008

    حصري رد: دراسة نقدية عن الشاعر نهاد رشيد من علي الصيرفي

    مُساهمة من طرف وصيف الأحد مارس 01, 2009 12:48 am

    جميل..

    الشكر الجزيل لك سيدي على ما تشاركنا به من ذائقتك الأدبية.

    كل المودة.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 2:31 pm