قصة قصيرة علي الصيرفي
أطفالنا للقتل
عندما كان يكلمه عن مخيم جنين وهو يغمض عينيه، كان الموت ينتشر في أعمدة الصفحات الأولى لكل الجرائد ، أسلاك الهاتف المقطعة تملأ الطرقات، وكلاب شاردة، تمزق أكياس القمامة في همجية جديدة لم تعرفها المدينة من قبل ، وقف المهزوم عند السفح لأكوام من البيوت المسحوقة تحت مجنزرات الرعب ، صورة مشوهة لامرأة اندلقت عيناها من محجريهما ونزيف الدم غير معالم وجهها ، بكاء أحد الأطفال ملأ فضاء الآلات المتقدمة لتقتلع أشجار الزيتون ، وتقتل أمهات اللواتي تمسكن بالجذوع الباكية أمام شفرات الجرافات ، كانت جذور الأشجار تصرخ من هول الكارثة وشيخ الشرم يجلس بين الشقراء القادمة ورائحة المعسل والبخور يحمل كأساً يسميه شراب زمزم أمام الربع وبقايا المخاتير من القبائل ، جلس نصف اقعاء وحرك طرفه وهو يقدم الكأس مقبلاً يد سالومي القادمة من أرض سدوم ، كان مفتوناً بجمال صدرها وردفيها ، والكنعاني المنتظر على أعتاب ماخوره لازال يرقب وجه الحاجب عله يسمح له بمقابلة الشيخ المبروك ، سأله :
- أأحظى بمقابلة الريس؟ وأدخل مخدعه.
- في مثل هذا الظرف القاسي عليه!!!؟
إنه يراقب كل المعابر ومؤشرات الأسهم الصاعدة وأرقام القتلى بالفسفور والتخمة من أكل الهمبرغر، والنوم بعد شم الأجساد اللدنة،لأن الشرم المبروك منحرف الصحة في صلب المعركة، ولم تنفعه حبوب الفياغرا، حرّم على نفسه النعومة والرفاهية ، تمسكاً بالشرعية الدولية والزهد ، أخذ نفساً عميقاً من نرجيلته العاجية ،فانتفخ حتى دمعت عيناه ،أصدرت مؤسسته بياناً، يبين بكاءه وحزنه من المنظر المتلفز، مستهجناً الصواريخ التي تسقط في كسوفيم طلب من خادمه الغوطي أن يغير هذه البرامج المخيفة ، فصور الأطفال المبعثرة على الشاشات تثير في نفسه التوجس من هجموم غادر على ربوعه ، أراد أن يجتمع بشيخ القبائل الأكبر فهو يقدر الوضع بكل خفاياه ، قال له:
- أخشى من ذاك الطفل المفقوء العينين ،ثم صبَّ كأساً من البيرة الخالية من الشعير والممزوجة بمواد مسموحة، لأن الشعير أصبح يصنع منه الوقود الحيوي ، وصار في قائمة الأمن القومي الاقتصادي، لف عباءته المطرزة بكل الدم حول رقبته المنفوخة ،وراح يحدث الشرم المبروك ، هذا المنتظر في الباب ، يستحلي الموت لأهله وأطفال جلدته ، ليقال عنه:
-وقف موقف رجولة كمرأة فاجأها الحيض لا تعرف كيف تستر نفسها ، ضحك الغوطي وقال :
- منعت وفده من القدوم إليك ،وأغلقت كل مراكز الخبز ،وبيع العدس والحمص ،أماعلب البيبسي فتركت لهم الخيار في البيع ، نظر الريس مبتسماً :
-عظيم أنت أيها الغوطي ، تدرك صعوبة الموقف، وتعرف كيف تتدبر الأمور ،قال الغوطي:
- يا سيدي الشيخ المبارك هناك ولادات كثيرة في هذا اليوم ،والأطفال القادمون يستحمون الحمام الأول لهم بالدم ،ويقال بالماء المسخن بالفسفور الأبيض، لأنه الوحيد المتبقي للتدفئة لهذا الكنعاني وقبيلته ، قال الشيخ المبارك :
يقولون أن دعاءه مستجاب ورجاله يرددون دعواته ، لقد جمعوا جثث الولادات والأمهات، وبالريحان والبخور والزعفران ختموا قلوب الأمهات ، وذاك المعكوف الأنف ،راح يصنع قطع البسطرمة الأكثر غلاء ويجففها تحت شمس رفح وطور الموت ، والعقبان تطير مغرومة بأكل الولادات الطرية والمطبوخة بالدم الطازج ، مد الشيخ يده في المنسف العربي وأخرج قلباً راح يأكله والغوطي وضع أمامه طبقاً من اللحم المطبوخ أما الطبق الآخر فكان للزائرةالشقراء
علي الصيرفي
أطفالنا للقتل
عندما كان يكلمه عن مخيم جنين وهو يغمض عينيه، كان الموت ينتشر في أعمدة الصفحات الأولى لكل الجرائد ، أسلاك الهاتف المقطعة تملأ الطرقات، وكلاب شاردة، تمزق أكياس القمامة في همجية جديدة لم تعرفها المدينة من قبل ، وقف المهزوم عند السفح لأكوام من البيوت المسحوقة تحت مجنزرات الرعب ، صورة مشوهة لامرأة اندلقت عيناها من محجريهما ونزيف الدم غير معالم وجهها ، بكاء أحد الأطفال ملأ فضاء الآلات المتقدمة لتقتلع أشجار الزيتون ، وتقتل أمهات اللواتي تمسكن بالجذوع الباكية أمام شفرات الجرافات ، كانت جذور الأشجار تصرخ من هول الكارثة وشيخ الشرم يجلس بين الشقراء القادمة ورائحة المعسل والبخور يحمل كأساً يسميه شراب زمزم أمام الربع وبقايا المخاتير من القبائل ، جلس نصف اقعاء وحرك طرفه وهو يقدم الكأس مقبلاً يد سالومي القادمة من أرض سدوم ، كان مفتوناً بجمال صدرها وردفيها ، والكنعاني المنتظر على أعتاب ماخوره لازال يرقب وجه الحاجب عله يسمح له بمقابلة الشيخ المبروك ، سأله :
- أأحظى بمقابلة الريس؟ وأدخل مخدعه.
- في مثل هذا الظرف القاسي عليه!!!؟
إنه يراقب كل المعابر ومؤشرات الأسهم الصاعدة وأرقام القتلى بالفسفور والتخمة من أكل الهمبرغر، والنوم بعد شم الأجساد اللدنة،لأن الشرم المبروك منحرف الصحة في صلب المعركة، ولم تنفعه حبوب الفياغرا، حرّم على نفسه النعومة والرفاهية ، تمسكاً بالشرعية الدولية والزهد ، أخذ نفساً عميقاً من نرجيلته العاجية ،فانتفخ حتى دمعت عيناه ،أصدرت مؤسسته بياناً، يبين بكاءه وحزنه من المنظر المتلفز، مستهجناً الصواريخ التي تسقط في كسوفيم طلب من خادمه الغوطي أن يغير هذه البرامج المخيفة ، فصور الأطفال المبعثرة على الشاشات تثير في نفسه التوجس من هجموم غادر على ربوعه ، أراد أن يجتمع بشيخ القبائل الأكبر فهو يقدر الوضع بكل خفاياه ، قال له:
- أخشى من ذاك الطفل المفقوء العينين ،ثم صبَّ كأساً من البيرة الخالية من الشعير والممزوجة بمواد مسموحة، لأن الشعير أصبح يصنع منه الوقود الحيوي ، وصار في قائمة الأمن القومي الاقتصادي، لف عباءته المطرزة بكل الدم حول رقبته المنفوخة ،وراح يحدث الشرم المبروك ، هذا المنتظر في الباب ، يستحلي الموت لأهله وأطفال جلدته ، ليقال عنه:
-وقف موقف رجولة كمرأة فاجأها الحيض لا تعرف كيف تستر نفسها ، ضحك الغوطي وقال :
- منعت وفده من القدوم إليك ،وأغلقت كل مراكز الخبز ،وبيع العدس والحمص ،أماعلب البيبسي فتركت لهم الخيار في البيع ، نظر الريس مبتسماً :
-عظيم أنت أيها الغوطي ، تدرك صعوبة الموقف، وتعرف كيف تتدبر الأمور ،قال الغوطي:
- يا سيدي الشيخ المبارك هناك ولادات كثيرة في هذا اليوم ،والأطفال القادمون يستحمون الحمام الأول لهم بالدم ،ويقال بالماء المسخن بالفسفور الأبيض، لأنه الوحيد المتبقي للتدفئة لهذا الكنعاني وقبيلته ، قال الشيخ المبارك :
يقولون أن دعاءه مستجاب ورجاله يرددون دعواته ، لقد جمعوا جثث الولادات والأمهات، وبالريحان والبخور والزعفران ختموا قلوب الأمهات ، وذاك المعكوف الأنف ،راح يصنع قطع البسطرمة الأكثر غلاء ويجففها تحت شمس رفح وطور الموت ، والعقبان تطير مغرومة بأكل الولادات الطرية والمطبوخة بالدم الطازج ، مد الشيخ يده في المنسف العربي وأخرج قلباً راح يأكله والغوطي وضع أمامه طبقاً من اللحم المطبوخ أما الطبق الآخر فكان للزائرةالشقراء
علي الصيرفي