.........

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    قصة قصيرة ( أوراق من مذكرات ب - م )

    شادي
    شادي
    مشرف عام


    ذكر عدد الرسائل : 684
    العمر : 41
    مكان الإقامة : سلمية
    تاريخ التسجيل : 17/02/2008

    قصة قصيرة ( أوراق من مذكرات ب - م ) Empty قصة قصيرة ( أوراق من مذكرات ب - م )

    مُساهمة من طرف شادي الخميس أكتوبر 09, 2008 11:43 pm

    أوراق من مذكرات "ب-م"



    عرفتها منذ أكثر من عشر سنين ....أي ربما في نفس الفترة التي كتبت بها مذكراتها هذه..وللأوراق هذه حكاية..حيث أنني منذ حوالي العام كنت في زيارة لها ..وأعارتني كتاب"يوميات امرأة لا مبالية" للشاعر نزار قباني لعلمها بحبي الشديد له ....وداخل هذا الكتاب وجدت هذه الأوراق التي يبدو أنها قد اقتطعت من دفتر قديم لها..ولا أدري إن كانت قد وضعتهم عن قصد لكي أقرأهم ..أم أنها لم تنتبه لهم قبل إعطائي الكتاب ..المهم أنني وجدت فيهم حكاية غريبة ..حكاية أشبه بالتي نقرأها في الروايات العاطفية ..ولكن هذه القصة حدثت فعلا مع "ب-م".. والتي لم آخذ إذنها في نشر أوراقها- تماما كما فعل نزار في ديوانه- ..هل ما حدث معي مجرد مصادفة, أم كانت الأمور مرتبة؟؟لا أعلم ..ولكن كل الذي أعلمه, بأن هذه المرأة التي عرفتها منذ زمان كانت تخبئ في داخلها بركانا خامدا..نارا ملتهبة...زلازل مضطربة..خبأت كل ذلك في قلبها تحت عنوان صغير..الحب..


    الثلاثاء 22 آذار 1994

    كان كل شيء في ذلك اليوم يوحي بأن شيئا ما سيحدث لي ...استيقظت صباحا على صوت المطر أيقظني من حلم تمنيت لو أنني بقيت فيه ..رأيت نفسي أطير بجناحين كبيرين عاليا ,
    وقد تجمهر الناس تحتي وهم يقفزون محاولين عبثاً الوصول إلي بينما أحلق ضاحكة هازئة بهم...نهضت من فراشي بكسل ..وأنا أعود بذاكرتي للحلم الجميل..حتى أنني لم أغسل وجهي
    لكي لا تذهب بقاياه من عيوني.. جلت بنظري على أرجاء غرفتي الصغيرة ...وقع نظري على مفكرتي التي أبوح بأسراري فيها لعلمي أن أحدا لن يقرأها.. كلمات مبعثرة دونتها مساء الأمس ..ساءلت نفسي لماذا لا يهبط علي وحي الكتابة إلا مساء..حتى أنني عندما أستيقظ صباحا وأنظر إلى مفكرتي..أستغرب أنني كتبت هذه الأوراق.
    آه ..اليوم الثاني والعشرون من مارس ..إنه عيد ميلادي ..وضحكت في أعماقي ..صار عمري عشرين عاما ..سارعت إلى اسطوانة الموسيقى .."شوبان ".."شومان" .."ليست"..لا ..لا ..ها هو ذا " فاغنر" ..نعم.. كيف لا أفتتح عامي العشرين بموسيقاه...وهو الذي يجمعني به أشياء كثيرة ..أولها أننا ولدنا في نفس اليوم, الثاني والعشرين من مارس ..ليس هذا فقط, بل كلانا قد توفي والده بعد ستة أشهر من ولادته ..ولكن ما يميزه عني, أنه ملك في حياته فيلا حولت فيما بعد لمتحف لأعماله..بينما أقطن أنا مع أمي في منزل صغير أشبه بالقبو تحت الأرض ..تطل نافذتي على رصيف الشارع مباشرة فلا أرى من خلالها إلا قطرات المطر وعجلات السيارات وأقدام المارة..
    على أنغام " فاغنر " شربت قهوتي ..أتطلع عبر النافذة ..لا أرى غير الأقدام ..وفجأة أحسست برعشة غريبة تسري في جسدي و أنا أرى أقدام رجل تمر أمامي ..لتغيب بعد أمتار ...أحسست بتسارع دقات قلبي ..وبحرارة تجتاح أحشائي ...ترى ماذا حدث لي؟؟ ..ما سر هذه الأقدام ؟؟


    لماذا ارتعش جسدي لهذا الرجل بالذات حتى دون أن أرى وجهه..أكثر من ساعة قضيتها وأنا
    على هذه الحال لأتنبه على جسدي يرتعش من جديد لمرور نفس الأقدام ...آه ..يا الهي ما هذا ؟؟ هل هذه رعشة الحب الذي قرأت عنه القصص والروايات وسمعت عنه الحكايات؟؟ هل من المعقول أن أحب رجلا من خلال قدميه حتى دون أراه؟؟هل يعقل هذا؟؟


    الأربعاء 23آذار 1994

    قضيت ليل أمس كله ساهرة شاردة أفكر بالذي حصل معي ..أسائل نفسي ماذا دهاها؟؟ هل تدهورت دون أن تدري لهاوية الحب ؟؟شعرت بحاجة ماسة إلى البكاء ..وبكيت ..
    انتظرت حلول الصباح بفارغ الصبر ..مترقبة مرور الأقدام ..ومر من أمامي أناس كثر ..رجال ونساء وأطفال ...إلى أن مرت نفس الأقدام..وارتعش جسدي ..حاولت جاهدة أن أتبين ملامح وجه رجلي ..إلا أن قربه من النافذة الصغيرة ..لم يسمح لي بذلك..
    ضربت النافذة بكلتا يدي عله يسمع فينحني فأراه ولكن ذهبت محاولاتي أدراج الرياح...
    بكيت من جديد..وغسلت بدموعي زجاج نافذتي ..الشاهد الوحيد على ما حدث لي..
    لست أدري ..تعلقت به تعلقا جنونيا ..ربما وجدت فيه الأب الذي أفتقد..أو الحبيب الذي أنشد..ربما ..ربما ..المهم أنني أحببته ...أغمضت عيني ..وأنا أسمع موسيقا " فاغنر" ..أبحث فيها عن اللازمن واللا حدود ..وتلاشت روحي في فضاء رحب رحب ..فضاء الحب...


    الخميس 24 آذار 1994

    كيوم أمس قضيت الليل ساهرة أفكر في ذلك الرجل الغريب الذي خطف مني كل ما أملك دون أن يراني أو أراه..هل يصغرني أم يكبرني عمرا؟؟ هل هو أشقر أو أسمر ؟؟ ما لون عينيه؟؟
    ليس ذلك مهما ..المهم أنني أحببته...كان كل همي أن أراه ..لأرتمي بين أحضانه..وأقول له بكل جوارحي أنني "أحبه" ..
    اليوم عندما مر أمامي ..ركضت مسرعة نحو الشارع ..لكن الزحام و طول المسافة بين غرفتي والشارع.. كان كافيا لأن يبتعد بين المارة...عدت إلى غرفتي لا أملك إلا الدموع في عيني , والرعشة في جسدي ...ولكني مساءا اهتديت إلى فكرة قد تساعدني ..صحيح أنها جنونية ..ولكن سأنفذها ..سأخرج صباح الغد..وأستلقي على الرصيف أنتظر رعشة الحب ..لأعرف حبيبي..آه ما أحلى هذه الكلمة..حبيبي..


    الأربعاء30 آذار 1994

    خمسة أيام مضت دون فائدة..كنت أخرج صباح كل يوم ..وأستلقي على الرصيف..غير آبهة لا بالمطر الذي بلل ثيابي ..ولا بنظرات الاستغراب والشفقة من المارة..كانت عيوني تركز على أقدامهم منتظرة انتفاض روحي ..ولكن دون جدوى..ورجعت ككل يوم تائهة ..غارقة في بحر الفوضى والحزن ..أبحث في زوايا غرفتي عن شخصيتي التي سلبت مني ..عن السر الذي يجعلني لا أرتعش إلا خلف نافذتها...تذكرت في غمرة أحزاني كلمات "فاغنر" الأخيرة"أنا خلف في بدايات الهاوية السحيقة ..لأولئك المليئين بالحنين والاشتياق "..نعم ..إنني الآن في أعماق أعماق الهاوية..ولا أدري ما الحل ..ساعدني يا رب...


    الأربعاء 11 كانون الثاني 1995

    بعد انقطاع طويل عن الكتابة أعود لأخاطبك أيها الحبيب المجهول..وأنا أعلم أنك لن تقرأ كلماتي هذه..ما ظننت يوما أنه بإمكاني أن أحب رجلا بهذا الشكل ..فما عساني أقول ..وأنا التي أحببتك من خلال قدميك..دون أن أراك..حبي لك غريب ..غريب جدا..ولكنني ..أحبك..
    ثق يا عزيزي أنك الرجل الوحيد الذي ملأ كل فراغي بفراغ أوسع ..أصبحت أمل من كل شيء .....ربما لم اعرف كيف أحب ..لكنني لا أستطيع أن أنكر الشعور الذي يملأني..
    عام مضى ..وأنا أحاول أن أراك..لم تبق أي وسيلة-عاقلة كانت أم مجنونة -إلا وجربتها....وفشلت كلها..فما عساني فاعلة؟؟؟
    حبيبي ..واسمح لي أن أناديك حبيبي ..فأنت أكثر من ذلك..تقدم لخطبتي شبان كثر..ورفضتهم
    جميعا ..كانت والدتي تحتار كيف أني أرفض الشاب دون أن أنظر إلى وجهه..كنت أكتفي بالنظر إلى قدميه منتظرة رعشة الحب...
    أعرف أنك لن تقرأ ما كتبت..ولكن فلتعلم أن هناك امرأة متيمة بك لدرجة الموت ..غارقة في عذاب الحب والفراغ والوحدة..قد يكون حبك نارا تكويني ..ولكن ذات يوم سأشعر بأن حياتي لم تكن تافهة..وأن روحي التي عشقتك ..روح سامية ..لأنها قد احترقت وأضاءت أكثر من أرواح الآخرين...

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 3:30 pm