رديف أرسلان: اللوحة علّمتني كيف أنظر للأشياء
ملحق ثقافي
الثلاثاء 16/8/2005
حوار: لؤي آدم
«الفن هو نوع من العمل الشاق وليس شكلاً من أشكال الاستغراق في الذات» وفق ما يراه «فان غوغ» والفن ليس نسخاً للأشياء ولكنه إبداع لها وفق ما يراه المفكر الإسباني «أورتيجا جاست» هذه الأفكار،
عبر الفنان «رديف أرسلان» عن إيمانه بها، حين التقيته في مرسمه الحميم فكان الحوار التالي:
❊ماذا قدم لك الفن، وبماذا تحلم أن تقدم له؟
❊❊ بداية أقول ما قاله «سلفادور دالي»: إذا لم يكن الرسم قادراً على أسرك، فإن حبك له يظل عقيماً أبداًََ». وهنا أقول إذا كنت أتعامل مع هذه المضامين فماذا يمكن أن يقدم لي الفن.. أقول لك بصدق، لقد قدم لي الكثير الكثير: المتعة الشخصية (متعة الاكتشاف)- متعة التعامل- متعة اللون- متعة الوجود. إذاً اللوحة قدمت لي تربية خاصة لادراكي البصري للعالم وتربية خاصة لانتباهي وعلمتني كيف أنظر للأشياء، لأنها تشير إلى ما هو هام وتكشف عن المعاني التي كانت خافية وغير واضحة من قبل. وهي بالتالي وسيلة تعبير عن الخبرة الإنسانية ولا يمكن الاستغناء عنها أبداً. وأحياناً نتجادل وتستعصي،
وأصاب بتوتر وقلق وتهيب فأهجرها ويكون بيننا فترة من الجفاء تطول وتقصر أحياناً وأبحث دائماً عن بداية جديدة
.
❊ هل يمكن توصيف العلاقة أو المسافة البصرية- التأملية بينك وبين اللوحة؟
❊❊ أنا لا أنكر أبداً، أنني أقطع غير متعمد هذه المسافة بسرعة كبيرة، وأحياناً تتجاوزني فهي علاقة- للأسف- متأرجحة، وغير ثابتة حالياً، لأنني غير متفرغ كلياً للعمل الفني.
❊ ما هو دور العامل النفسي في إنجاز اللوحة؟ وهل ترسم في حالة نفسية معينة دون غيرها؟
❊❊ إن عملية الإبداع في فن التصوير هي عملية تنظيمية أساساً، وتهدف إلى تقديم نسق جديد من الفهم التشكيلي لمحتوى معطى من المعلومات، فالتصوير تنظيم، والخيال محاولة للوصول إلى تنظيم جديد، والتكوين تنظيم، والتركيز تنظيم، والتعطل الذهني هو فشل في الوصول إلى تنظيمات إدراكية مناسبة، والتنفيذ هو تحقيق للتنظيم، والسيطرة هي شعور يصاحب التحقيق المقنع للتنظيم المطلوب.. فلتحقيق جزء من هذه الدوامة- إن صح التعبير- تحتاج إلى أسس نفسية قد تنوجد أحياناً، وقد لا تنوجد أحياناً أخرى، وقد يتواجد منها جزء فأنا أتأثر كثيراً بالعامل النفسي وبالجو المحيط أحياناً، فأحاول أن أكون وحيداً عندما أرسم واحتاج إلى التركيز وإلى حالة نفسية مستقرة.
❊ لماذا لا تعتمد مشروعاً فنياً يربط بين مواضيع لوحاتك، كما كان يفعل الفنان الراحل «فاتح مدرس» وكذلك الفنان الراحل «مصطفى الحلاج» أو تعتمد مشروعاً تجريبياً على تقنية لون محدد، كما يفعل الفنان العراقي «جبر علوان»... أم أنك تتنفس الحرية الإبداعية أكثر في هذا التنوع واللامحدودية؟
❊❊ قد لا استطيع أن أجد مشروعاً فنياً حالياً، والسبب هو عدم التفرغ الفني، فأنا أقوم بالتجربة بشكل دائم، وهناك خصوصية في هذا الجانب، وحتى الآن لم استقر على أسلوب محدد، فتجربة اللون تشغلني، وأرى فيها حرية أكثر، فأكون أكثر متعة في العمل عندما أعمل بشكل متنوع على الأقل حالياً.
❊ أنت فنان أكاديمي وصاحب موهبة تمتلك أدواتها الفنية بجدارة.. لماذا اعتكافك وأين مشاركاتك الخارجية؟ هل هذا ردة فعل لتجاهلك من قبل النقاد، أم أنك لم تعرض نتاجك الفني بالشكل الكافي للفت الانتباه إليك. أم أن هناك أسباباً ذاتية؟ ❊❊ أنا لست معتكفاً إلى هذا الحد ولكن هناك عوائق كثيرة تمنعني من المشاركات فأنا قليل الإنتاج بسبب عدم التفرغ أولاً، وبعدي عن صالات العرض، فأنا أقيم في منطقة بعيدة عن دمشق، وثانياً وهو الأهم: لم أعرض ما يكفي من إنتاجي الفني إضافة لأسباب ذاتية خاصة بي، فأنا لا يهمني كثيراً أن أعرض إنتاجي بقدر ما يهمني متعة التعامل مع العمل الفني، واكتشاف كل ما هو جديد فيه.
ملحق ثقافي
الثلاثاء 16/8/2005
حوار: لؤي آدم
«الفن هو نوع من العمل الشاق وليس شكلاً من أشكال الاستغراق في الذات» وفق ما يراه «فان غوغ» والفن ليس نسخاً للأشياء ولكنه إبداع لها وفق ما يراه المفكر الإسباني «أورتيجا جاست» هذه الأفكار،
عبر الفنان «رديف أرسلان» عن إيمانه بها، حين التقيته في مرسمه الحميم فكان الحوار التالي:
❊ماذا قدم لك الفن، وبماذا تحلم أن تقدم له؟
❊❊ بداية أقول ما قاله «سلفادور دالي»: إذا لم يكن الرسم قادراً على أسرك، فإن حبك له يظل عقيماً أبداًََ». وهنا أقول إذا كنت أتعامل مع هذه المضامين فماذا يمكن أن يقدم لي الفن.. أقول لك بصدق، لقد قدم لي الكثير الكثير: المتعة الشخصية (متعة الاكتشاف)- متعة التعامل- متعة اللون- متعة الوجود. إذاً اللوحة قدمت لي تربية خاصة لادراكي البصري للعالم وتربية خاصة لانتباهي وعلمتني كيف أنظر للأشياء، لأنها تشير إلى ما هو هام وتكشف عن المعاني التي كانت خافية وغير واضحة من قبل. وهي بالتالي وسيلة تعبير عن الخبرة الإنسانية ولا يمكن الاستغناء عنها أبداً. وأحياناً نتجادل وتستعصي،
وأصاب بتوتر وقلق وتهيب فأهجرها ويكون بيننا فترة من الجفاء تطول وتقصر أحياناً وأبحث دائماً عن بداية جديدة
.
❊ هل يمكن توصيف العلاقة أو المسافة البصرية- التأملية بينك وبين اللوحة؟
❊❊ أنا لا أنكر أبداً، أنني أقطع غير متعمد هذه المسافة بسرعة كبيرة، وأحياناً تتجاوزني فهي علاقة- للأسف- متأرجحة، وغير ثابتة حالياً، لأنني غير متفرغ كلياً للعمل الفني.
❊ ما هو دور العامل النفسي في إنجاز اللوحة؟ وهل ترسم في حالة نفسية معينة دون غيرها؟
❊❊ إن عملية الإبداع في فن التصوير هي عملية تنظيمية أساساً، وتهدف إلى تقديم نسق جديد من الفهم التشكيلي لمحتوى معطى من المعلومات، فالتصوير تنظيم، والخيال محاولة للوصول إلى تنظيم جديد، والتكوين تنظيم، والتركيز تنظيم، والتعطل الذهني هو فشل في الوصول إلى تنظيمات إدراكية مناسبة، والتنفيذ هو تحقيق للتنظيم، والسيطرة هي شعور يصاحب التحقيق المقنع للتنظيم المطلوب.. فلتحقيق جزء من هذه الدوامة- إن صح التعبير- تحتاج إلى أسس نفسية قد تنوجد أحياناً، وقد لا تنوجد أحياناً أخرى، وقد يتواجد منها جزء فأنا أتأثر كثيراً بالعامل النفسي وبالجو المحيط أحياناً، فأحاول أن أكون وحيداً عندما أرسم واحتاج إلى التركيز وإلى حالة نفسية مستقرة.
❊ لماذا لا تعتمد مشروعاً فنياً يربط بين مواضيع لوحاتك، كما كان يفعل الفنان الراحل «فاتح مدرس» وكذلك الفنان الراحل «مصطفى الحلاج» أو تعتمد مشروعاً تجريبياً على تقنية لون محدد، كما يفعل الفنان العراقي «جبر علوان»... أم أنك تتنفس الحرية الإبداعية أكثر في هذا التنوع واللامحدودية؟
❊❊ قد لا استطيع أن أجد مشروعاً فنياً حالياً، والسبب هو عدم التفرغ الفني، فأنا أقوم بالتجربة بشكل دائم، وهناك خصوصية في هذا الجانب، وحتى الآن لم استقر على أسلوب محدد، فتجربة اللون تشغلني، وأرى فيها حرية أكثر، فأكون أكثر متعة في العمل عندما أعمل بشكل متنوع على الأقل حالياً.
❊ أنت فنان أكاديمي وصاحب موهبة تمتلك أدواتها الفنية بجدارة.. لماذا اعتكافك وأين مشاركاتك الخارجية؟ هل هذا ردة فعل لتجاهلك من قبل النقاد، أم أنك لم تعرض نتاجك الفني بالشكل الكافي للفت الانتباه إليك. أم أن هناك أسباباً ذاتية؟ ❊❊ أنا لست معتكفاً إلى هذا الحد ولكن هناك عوائق كثيرة تمنعني من المشاركات فأنا قليل الإنتاج بسبب عدم التفرغ أولاً، وبعدي عن صالات العرض، فأنا أقيم في منطقة بعيدة عن دمشق، وثانياً وهو الأهم: لم أعرض ما يكفي من إنتاجي الفني إضافة لأسباب ذاتية خاصة بي، فأنا لا يهمني كثيراً أن أعرض إنتاجي بقدر ما يهمني متعة التعامل مع العمل الفني، واكتشاف كل ما هو جديد فيه.