.........

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حوار مع الشاعر علي الجندي..البيان الثقافي عام 2000

    شادي
    شادي
    مشرف عام


    ذكر عدد الرسائل : 684
    العمر : 41
    مكان الإقامة : سلمية
    تاريخ التسجيل : 17/02/2008

    حوار مع الشاعر علي الجندي..البيان الثقافي عام 2000 Empty حوار مع الشاعر علي الجندي..البيان الثقافي عام 2000

    مُساهمة من طرف شادي السبت فبراير 23, 2008 12:47 am

    علي الجندي :


    حالات الجنون ليست
    غريبة على العابث مع الشعر

    ما من شاعر احب الحياة وغرق فيها وعاش الشعر ووهبه حياته دون غايات, كما فعل علي الجندي, هذا الشاعر الذي اختلطت حياته بأوراقه حتى التبس امره على الاصدقاء والاعداء منذ بداياته الادبية اوائل الستينيات مع ديوانه الاول (الراية المنكسة).


    شاعر عرفته المقاهي جيداً, وفيها عرفه الادباء وعرفته النساء الجميلات, عبر عمر من الكتابة
    اصدر خلاله احد عشر كتاباً, وصدرت له العام الفائت الاعمال الكاملة. شاعر لم يكترث ابداً بالاضواء وضجيج الاعلاميين والمهرجانات, ولم يستطب المناصب, اذ كان قد وهب روحه لهواء الحرية وقلبه للنساء ويديه للشعر...
    وحين احس ان الحياة بدأت تنسحب وتضيق كثيراً, والعالم بدأ ينكر شعراءه غادر دمشق واحتمى ببحر اللاذقية وجدران بيته الصغير...
    وعلي الجندي من مواليد السلمية عام 1928. تخرج من جامعة دمشق ـ قسم الفلسفة عام 1956 عمل في حقل الصحافة الثقافية ما بين دمشق وبيروت, كما وفي حقل الترجمة عن الفرنسية, وفي الستينيات عمل مديرا عاماً للدعاية والانباء. وكان من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب عام ,1969 صدرت له الدواوين التالية: (الراية المنكسة) (في البدء كان الصمت) (الحمى الترابية) (الشمس واصابع الموتى) (النزف تحت الجلد) (طرفة في مدار السرطان) (الرباعيات) (بعيداً في الصمت, قريباً في النسيان) (قصائد موقوتة) (صار رماداً) و(سنونوة للضياء الاخير)
    وفي هذا الحوار الذي خصه الشاعر لـ (بيان الثقافة) نقترب من عوالمه ندنو من هذا الكائن الذي لا يزال مصراً ان يكون مندهشاً بالحياة ومدهشاً لها.

    * تمثل الصور التي اختزنتها سنوات الطفولة ذاكرة هامة في البناء النفسي والشعري, فهل بامكاننا ان نوقظ بعضاً من هذه الصور التي تعتبرها الاهم على صعيد سيرتك الشخصية والشعرية؟

    ــ يخيل الي اني لست بحاجة لاوقظ ذكرياتي, انها ذكريات مستيقظة دائماً, وفي لحظة ما تستعيد نضارتها وصباها... ليكن ابي قاسياً, ولتكن في سذاجتنا من اسباب شقاء الطفولة, حيث كان يخيل لنا ان ابي هو سبب حرماننا من طفولتنا, ولهذا كنا نلومه وحده, فلولاه كنا نعمنا بالمرح على البيادر المطلقة, والنوم تحت النجوم او فوقها, وحتى قبل رحيله, كنا نترك الحرية لخيالنا على الاقل, فنجلب الصور الشعرية من اي مكان, وكنا قد تركنا للطبيعة ان ترفدنا بكل تلك الصور, كنا حالمين كباراً رغم صغر اعمارنا, ونطلب الصور المستحيلة, التي كانت لنا ملكاً خاصاً حاولنا ان نجسدها في صور لا تعرف الخنوع او الالتباس, وتظل حرة ومترامية المساحات... على خلاف ابي كانت امي تمثل الحنان الدائم ونجرؤ في حضرتها على قول (لا) ....

    * ومتى كانت اولى الكتابات واول الشعر؟

    ــ لا اعرف, كنت اخربش على الورق واحب ما اخربشه, ثم كنت اقرأه على الاصدقاء فاذا بي محاصر بالشعر.

    * وهل بدأت الكتابة بالحاح ما حول خصوصية الصوت او الاداء الشعري؟

    ــ هذا ما دفعني اصلاً للكتابة وبكثافة منذ عمر السادسة او السابعة عشر, بدأت الكتابة بشكل متواصل غير مبال بشيء او بأحد, كنت اريد ان اقول شيئاً لم يقله احد وكنت مؤرقاً بأن لا اخذ شيئاً عن احد, ربما كان هذا نوع من التوهم او علو الخاطر, واهم شيء احسسته انني كنت احب
    نفسي حين اكتب..

    * والى اين كنت تنوي ان يوصلك الشعر؟

    ــ لم اكن اخطط لشيء كنت لا اريد سوى ان اكون حراً, اكتب بحرية, وانشد بحرية متلهياً عن الدروس والواجبات والآخرين, كان ايماني ان اكتب لأني احب ولأني اعيش, فاذا بي اجد نفسي على الطريق الذي مشيت عليه طوال حياتي, كان يخطر على بالي احياناً ان اكون صحفياً او ممثلاً, ولكني فشلت إلا ان اكون شاعراً. وقد حدث مرة اني ذهبت لاجرب التمثيل, ولكن النتيجة كانت بأني كتبت قصيدة.

    * صورك الشعرية تتميز بغرائبية المشهد, وتنفتح على اكثر من سؤال وتأويل وتفيض احساساً بالغربة والالم, واود ان اسألك عن لحظة الخلق الشعري, وكيف تفصل فعلها في لملمة مفردات هذا المشهد وهذه الاحاسيس؟

    ــ لحظة الخلق الشعري, لحظة تختلط فيها اشياء العالم, ويشعر الشاعر انه ينزلق من بين اللاشيء, ولا يدري كيف يهيئها, فلحظة يراها هامدة وفي اللحظة التي تليها يتولاها النشور, وهكذا حتى تصل اللحظة الشعرية الى الانكفاء على ذاتها. حالات الجنون ليست غريبة على العابث مع الشعر, هدوئي الظاهري يتحول في تلك اللحظة الى فوضى يجمعها ويشتتها شاعر لا يدري كيف...

    * ألهذا تنساب الدموع من ثنايا قصيدتك؟

    ــ نحن نبكي كي ندافع عن وجودنا الهش..

    * وتظل المرأة في هذا الوجود الهش والمشهدية الغرائبية, صورة الرحمة والحظ الذي يمنح قصيدتك الوان الحياة والخصب, اليس كذلك؟

    ــ مرة اخرى افاجأ باللحظة الشعرية, امام اكثر من بوابة, الحب العميق والموت, رعشة الانتهاء والرغبة في التدفق من خلال هذا العالم, تأتي الحالة من خلال اختناق في داخلي وابدأ في البحث عن مفتاح, ويتجسد العالم بامرأة تغير كل طبيعة الاشياء فأذا هي النعمة والحب الذي يمنح قصيدتي الوان الخصب وشكل الخلق الكامل, وكيف تريدينني ان اجد خلاصي الا بامرأة... كانت المرأة منذ طفولتي نعمة, وكنت احاول بها ومعها لتخطي قسوة الاب, وكنت انهل من بين يديها الهمومتين كل رائحة الشفافية والمتعة, وكانت قصائدي تمتلىء حياة ورغبة في ان تكون.

    * وكانت بيروت محطة مهمة على صعيد تعريف القراء بتجربتك الشعرية, واخص بالذكر هنا مجلة
    (شعر) فماذا تحدثنا بهذا الخصوص؟

    ــ صحيح... في بيروت التقيت ببعض الاصدقاء الذين نشروا لي اول قصيدة (شكراً يا وطني) وهي غير موجودة في كتبي التي نشرتها فيما بعد. اما ديواني الاول (الراية المنكسة) الذي لا احبه, رغم اني اعرف ان الكثيرين يحبونه, لا اقول انه نشر هناك غصباً عني, بل بشيء من الغصب.
    في مجلة (شعر) نشرت كل قصائد ديواني (في البدء كان الصمت) وكان الجميع اصدقائي, ولكني لم اكن اشعر بأني واحد منهم فقد كانوا رغم ظهورهم بمظهر الديمقراطيين, يمارسون سيطرة وتشنجاً اتجاه شعرهم وافكارهم, ومع ذلك فقد احببتهم واحترمتهم جميعاً.

    * رغم الشهرة التي نلتها لم يعرف عنك يوماً حب الظهور او المشاركة في المهرجانات والامسيات الشعرية, فما هو سبب هذا الموقف؟

    ــ وجهة نظري ان هذه اللقاءات تفسد اكثر مما تصلح, لم اشعر يوماً شعوراً طيباً في اي مهرجان, وكنت اشارك سابقاً مضطراً, واعتقد انه يجب ان يكون هناك تفكير بعلاقة الجمهور مع الشاعر والبحث عن علاقة صحيحة.

    * لماذ هجرت صخب دمشق واعتزلت في اللاذقية؟

    ــ انا تعلقت بالحياة منذ ما بعد الطفولة, ورحت اداوم على حبها والتشبث بأذيالها, لكني كنت اشعر دائماً وكإنني واقع في هوة, احاول القفز حتى يكاد الخلاص يكون قريبا, واكتشف انني اقفز في مكاني, هربت من السلمية, وكان ظل يلاحقني, وعندما ظهر الظل مرة اخرى في دمشق هربت من جديد, وقلت اداري عن الخلق منظر حزني واختناقي.

    حاوره : علي كنعان
    البيان الثقافي - الأحد 28 رمضان 1421هـ 24 ديسمبر 2000-العدد50

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:29 pm