محاكمة عاشقة
لما تنهدت فاض رمل، تثاءب على شكل صحراء هتف الطائر الوحيد الذي يحوم في سماء ليس فيها إلا نور وجهها وهي تلهث في هذا الفراغ .... التراب شكَل لعابها، وشعرها أمسى سرابا للناظر البعيد .هي واحة الماء التي تجلب المسافرين ......
العطش ......الحياة....
تستيقظ فجأة على يديَ زوجها، فاجأها لون الوجه القرمزي وكأنها أول مرة تراه .قصيا كان هو...والسرير خطوة وهي تغوص في هذا الحلم المرير.
- هل أنت خائفة؟؟؟تجيب بامتعاض:
- لا شيء منام مزعج...
وهوت قطرة الندى المعلقة في وردة شباكها..حركت عبق الشباك بللت وجهها بندى الصباح الحزين...تساقط نورها على شكل آلهة ونيازك.،، تؤلف عيناها مع المرآة المعلقة على جدار، أغنية الصباح... فيروز تقول في خريف موجع: ( بتسأل إذا بهواك ).
الزوج دائما يفاجئها !!!! الاستيقاظ... الفطور وهي مازال الحلم يضرّج شفتيها بفرحة مفزعة .
تنام على يديه كحمامة صغيرة... تسافر في عينيه وتحلم معه وتكبر معه لكنها في لحظات الهم الحقيقي ،في بعيد عينيه تلمح قادما جديدا ، تبتعد عن زوجها إلى الوسادة.. ويبدأ مطر عينيها بالهطول.
- وضعك لا يعجبني هذه الفترة!؟....
- - لا شيء تعب الدوام والبيت...
- ربما تفكرين في الأطفال؟.
- الإنجاب؟! الأطفال؟! يأتيها صوت طفل يبكي وطفل يحبو ... يمتلئ البيت بالأطفال هذا يعربش على أبيه وذاك يبول على السجادة.. تصرخ:
- لا... لا...
- مابك؟....
- لاشيء.. أقول إن الإنجاب ليس موضع تفكيري.
- إنما ماذا؟
تنظر في عينيه يعود ذلك القادم في الظهور ثانية.. تضع يديها على عينيها يلفُها الزوج بيديه:
- مابك يا روحي...؟
- لا شيء
حيرة فسرت لهجته:
- أنا ذاهب إلى المكتب وأنتِ؟
- أنا اليوم إجازة... سأبقى في البيت.
تعود الصحراء بحزنها ويعود الخريف.... وذلك البريق الحزين الذي ملأ دنياها بدأ يشتد كثلج كانون هذا البياض الشديد أشعرها أنها قادرة ولو للحظة واحدة أن تقول:
- وقعت في غرام ذاك الشاب المعجزة... تصرخ :
- لا....... يأخذها الحلم ، وجان الأرض حول أذنيها تحوم :
- زوجك هو الحب ... يا خائنة .... يا ساقطة ........
تصرخ من جديد :
- لا.................تصمت قليلا ثم تستجمع قواها من جديد:
-لكنني أحببته ، أصبح يقتحم حياتي ...ووسادتي ، حاولت إبعاده عن شبابيك قلبي دون جدوى... حبه عاصفة تشرينية وقلبي نسائم ربيع ...في كلامه شيء من السحر يرتب حياته كما ترتب امرأة غرفة نومها طموحاته تعدت كل الحدود لا يهدأ كباشق رأى فريسته بين شجيرات.... أين سأهرب من عينيه التي صدعتني ،من يديه اللتين بدأتا تلفاني لتشكل قضبان سجن قصي ولا سجان إلا هو ...ماذا سأفعل؟ كيف أعيش؟ الحياة صعبة وخشنة والموت سهل وناعم كالحرير!!
كتبتْ ذلك على ورقة وضعتها على طاولة الطعام وغاصت في موتها الحل.
لم يبق من رذاذ يديها إلا نفحات عشق بثتها لعاشق سيجن من خيبة الأيام وكيف تحولت الأحلام إلى أحزان...
في فضاء مظلم صوت يتحدى صمت القبور
- أنت؟ اقتربي..
تصعد درجا خشبيا تكسر جزء من درجاته بدأت تسلي نفسها بعد الدرجات واحدة....اثنتان ..خمس...عشرة.. مئة..مائتان تجد نفسها على شرفة وهاوية... كرسي خشبي عتيق تصدّر المكان......
- اجلسي.
- لا تعرف مصدر الصوت لكنها تشعر أنه يمتلكها ...يمتلك المكان.
- أحببتِ!؟
تنظر في المكان لا تجد أحدا..لا زوجها ولا العشيق ولا الأصدقاء ولا الأحلام،، بصعوبةٍ بالغة تحاول أن تتخلص من غصة في حلقها ولكن السؤال داهمها :
- انت متزوجة؟
- واستطاعت بعد صمت قاتل أن تستجمع جرأتها لتجيب
- نعم ....!!!
- أحببت ؟؟!!
- نعم ؟؟؟؟؟
- وأنت متزوجة ؟؟؟
- ربما !!!
- إذا أنت خائنة .....
- في نظرك
- يصرخ فتنقلب الكرسي التي تجلس عليها فيصبح رأسها للأسفل ورجليها للأعلى يقترب منها يتأملها ثم يضم يديه إلى صدره ويعاود فتحهما لتخرج منهما نار صفراء ::
- أنت خائنة في نظر السماء والأرض والأشجار والتراب والماء ....تهب ريح عتية تطفئ نار يديه تنهض من جديد لتسمع صوته يعود :
- ستعاقبين يا عاهرة ......
تنز شفتيها خوفا لكن كتلا ثلجية تتشكل حولها وتبدأ بالدوران لتمنحها القوة فتقول بصوت أعلى من صوت محدثها :
- لست خائنة ...لقد أحببت وهذا كل ما في الأمر
يضحك الصوت وترقص كتل الثلج ،يبزغ نجم ،تلمحه وتوجه إليه حديثها ، وهنا في هذه اللحظة شعرت أن هناك من منحها نجما وسماءً
- أحببت لأن الحب لا نتحكم به بل هو الذي يتحكم بنا ..... لقد أحببت وخالفت قوانينكم البالية .... زوجي الذي يشاركني الفراش بكل حنانه أشعر أن المسافة بيني وبينه كالمسافة بين الأرض والشمس لم أجد فيه ما وجدته في عشيقي الذي كانت يداه تمتدان لتطولان صحرائي القاحلة ...يشيد من قصائده دالية تعرّش على فراغي ومن صوته تنجب الطيور أسرابها وأقفاصها التي تسوّرني ....أحببته فلتفتحوا نيرانكم على صدري ...عاقبوني كما تشاؤون ....
- أنت خالفت قاعدة الحياة ..يومئ بيديه الناريتين ،تتحرك الكتل البيضاء وتبدأ بالرقص مع موسيقى جنائزية اختلطت بلون العشيق الذي يمد يديه ليشكل مع الفراغ الأسود سفينة النجاة ، تضيق الدوائر حولها لتختفي في السواد ....
- تعربش من جديد الصحراء ... الرمال.... السراب..............
النهــــــــــــاية
25/9/1997
مولـــــود داؤد
لما تنهدت فاض رمل، تثاءب على شكل صحراء هتف الطائر الوحيد الذي يحوم في سماء ليس فيها إلا نور وجهها وهي تلهث في هذا الفراغ .... التراب شكَل لعابها، وشعرها أمسى سرابا للناظر البعيد .هي واحة الماء التي تجلب المسافرين ......
العطش ......الحياة....
تستيقظ فجأة على يديَ زوجها، فاجأها لون الوجه القرمزي وكأنها أول مرة تراه .قصيا كان هو...والسرير خطوة وهي تغوص في هذا الحلم المرير.
- هل أنت خائفة؟؟؟تجيب بامتعاض:
- لا شيء منام مزعج...
وهوت قطرة الندى المعلقة في وردة شباكها..حركت عبق الشباك بللت وجهها بندى الصباح الحزين...تساقط نورها على شكل آلهة ونيازك.،، تؤلف عيناها مع المرآة المعلقة على جدار، أغنية الصباح... فيروز تقول في خريف موجع: ( بتسأل إذا بهواك ).
الزوج دائما يفاجئها !!!! الاستيقاظ... الفطور وهي مازال الحلم يضرّج شفتيها بفرحة مفزعة .
تنام على يديه كحمامة صغيرة... تسافر في عينيه وتحلم معه وتكبر معه لكنها في لحظات الهم الحقيقي ،في بعيد عينيه تلمح قادما جديدا ، تبتعد عن زوجها إلى الوسادة.. ويبدأ مطر عينيها بالهطول.
- وضعك لا يعجبني هذه الفترة!؟....
- - لا شيء تعب الدوام والبيت...
- ربما تفكرين في الأطفال؟.
- الإنجاب؟! الأطفال؟! يأتيها صوت طفل يبكي وطفل يحبو ... يمتلئ البيت بالأطفال هذا يعربش على أبيه وذاك يبول على السجادة.. تصرخ:
- لا... لا...
- مابك؟....
- لاشيء.. أقول إن الإنجاب ليس موضع تفكيري.
- إنما ماذا؟
تنظر في عينيه يعود ذلك القادم في الظهور ثانية.. تضع يديها على عينيها يلفُها الزوج بيديه:
- مابك يا روحي...؟
- لا شيء
حيرة فسرت لهجته:
- أنا ذاهب إلى المكتب وأنتِ؟
- أنا اليوم إجازة... سأبقى في البيت.
تعود الصحراء بحزنها ويعود الخريف.... وذلك البريق الحزين الذي ملأ دنياها بدأ يشتد كثلج كانون هذا البياض الشديد أشعرها أنها قادرة ولو للحظة واحدة أن تقول:
- وقعت في غرام ذاك الشاب المعجزة... تصرخ :
- لا....... يأخذها الحلم ، وجان الأرض حول أذنيها تحوم :
- زوجك هو الحب ... يا خائنة .... يا ساقطة ........
تصرخ من جديد :
- لا.................تصمت قليلا ثم تستجمع قواها من جديد:
-لكنني أحببته ، أصبح يقتحم حياتي ...ووسادتي ، حاولت إبعاده عن شبابيك قلبي دون جدوى... حبه عاصفة تشرينية وقلبي نسائم ربيع ...في كلامه شيء من السحر يرتب حياته كما ترتب امرأة غرفة نومها طموحاته تعدت كل الحدود لا يهدأ كباشق رأى فريسته بين شجيرات.... أين سأهرب من عينيه التي صدعتني ،من يديه اللتين بدأتا تلفاني لتشكل قضبان سجن قصي ولا سجان إلا هو ...ماذا سأفعل؟ كيف أعيش؟ الحياة صعبة وخشنة والموت سهل وناعم كالحرير!!
كتبتْ ذلك على ورقة وضعتها على طاولة الطعام وغاصت في موتها الحل.
لم يبق من رذاذ يديها إلا نفحات عشق بثتها لعاشق سيجن من خيبة الأيام وكيف تحولت الأحلام إلى أحزان...
في فضاء مظلم صوت يتحدى صمت القبور
- أنت؟ اقتربي..
تصعد درجا خشبيا تكسر جزء من درجاته بدأت تسلي نفسها بعد الدرجات واحدة....اثنتان ..خمس...عشرة.. مئة..مائتان تجد نفسها على شرفة وهاوية... كرسي خشبي عتيق تصدّر المكان......
- اجلسي.
- لا تعرف مصدر الصوت لكنها تشعر أنه يمتلكها ...يمتلك المكان.
- أحببتِ!؟
تنظر في المكان لا تجد أحدا..لا زوجها ولا العشيق ولا الأصدقاء ولا الأحلام،، بصعوبةٍ بالغة تحاول أن تتخلص من غصة في حلقها ولكن السؤال داهمها :
- انت متزوجة؟
- واستطاعت بعد صمت قاتل أن تستجمع جرأتها لتجيب
- نعم ....!!!
- أحببت ؟؟!!
- نعم ؟؟؟؟؟
- وأنت متزوجة ؟؟؟
- ربما !!!
- إذا أنت خائنة .....
- في نظرك
- يصرخ فتنقلب الكرسي التي تجلس عليها فيصبح رأسها للأسفل ورجليها للأعلى يقترب منها يتأملها ثم يضم يديه إلى صدره ويعاود فتحهما لتخرج منهما نار صفراء ::
- أنت خائنة في نظر السماء والأرض والأشجار والتراب والماء ....تهب ريح عتية تطفئ نار يديه تنهض من جديد لتسمع صوته يعود :
- ستعاقبين يا عاهرة ......
تنز شفتيها خوفا لكن كتلا ثلجية تتشكل حولها وتبدأ بالدوران لتمنحها القوة فتقول بصوت أعلى من صوت محدثها :
- لست خائنة ...لقد أحببت وهذا كل ما في الأمر
يضحك الصوت وترقص كتل الثلج ،يبزغ نجم ،تلمحه وتوجه إليه حديثها ، وهنا في هذه اللحظة شعرت أن هناك من منحها نجما وسماءً
- أحببت لأن الحب لا نتحكم به بل هو الذي يتحكم بنا ..... لقد أحببت وخالفت قوانينكم البالية .... زوجي الذي يشاركني الفراش بكل حنانه أشعر أن المسافة بيني وبينه كالمسافة بين الأرض والشمس لم أجد فيه ما وجدته في عشيقي الذي كانت يداه تمتدان لتطولان صحرائي القاحلة ...يشيد من قصائده دالية تعرّش على فراغي ومن صوته تنجب الطيور أسرابها وأقفاصها التي تسوّرني ....أحببته فلتفتحوا نيرانكم على صدري ...عاقبوني كما تشاؤون ....
- أنت خالفت قاعدة الحياة ..يومئ بيديه الناريتين ،تتحرك الكتل البيضاء وتبدأ بالرقص مع موسيقى جنائزية اختلطت بلون العشيق الذي يمد يديه ليشكل مع الفراغ الأسود سفينة النجاة ، تضيق الدوائر حولها لتختفي في السواد ....
- تعربش من جديد الصحراء ... الرمال.... السراب..............
النهــــــــــــاية
25/9/1997
مولـــــود داؤد