أم القاهرة
من طرف lala الخميس أبريل 23, 2009 11:35 pmالعـرس السلموني
سلمية بوابة البادية على الحضارة والعمل الأساسي للسكان هو الزراعة وتربية الحيوان, وصِلةُ سلمية بمحيطها البدوي وطيد لحاجة سكانها لعمل البدو في تربية الأغنام, وحاجة البدو لمنتجات أهل المدينة من حبوب وخضار ومواد مصنوعة, ومع تبادل السلع يتم تبادل الأفكار والخبرات كما في كل زمان ومكان.
إذاً كانت ثقافة الإنسان السلموني مزيجاً من هذا كله لكنه أعطاها هويتها المتميزة والمتلائمة مع الوسط الذي يعيش فيه.
سنتناول اليوم العرس السلموني كما كان يتم في الماضي بكل تفاصيله:
تتم الخطوبة بعد اختيار أهل العريس للعروس, وغالباً ما تكون ابنة عمه, ويكون الاختيار للعروس ذات البنية القوية ولها مسحة من الجَمال ومن عائلة تلتزم بالعرف والقواعد الأخلاقية للمجتمع.
لا يستطيع العريس رؤية عروسه إلا في ليلة الزفاف أو خِلسةً في أحد الأعراس حيث تشير له أمه همساً: هذه هي العروس المُختارة.
تذهب أم العريس بزيارة مفاجئة إلى بيت أهل العروس لترى على الواقع نظافة البيت وجَمال العروس على الطبيعة, وقد تترك منديلها تحت البساط أو الحصيرة دون أن ينتبه أهل البيت وتعود بعد أسبوع فإن كان المنديل غير موجود في مكانه فهذا يعني أن أهل البيت قد قاموا بتنظيف بيتهم وإن كان قد بقي في مكانه فلا نظافة في هذا البيت وتذهب أم العريس ولا تعود.
بعد اختيار العروس المطلوبة يتم الاتفاق بشكل جانبي بين النساء من الطرفين , ثم يذهب والد العريس وإخوته ووجها العائلة والحي أحياناً وتتم الخطوبة بقراءة الفاتحة والاتفاق على المهر (مقدم ومتأخر) ويكون المقدم ذهب وثياب وبعض الأثاث كالخزانة أو صندوق مطعّم لوضع الثياب, وبعد قراء ة الفاتحة توزع الحلوى التي تتألف من القضامة الملبسة وكعيبات ومربى وسكاكر. وتقول أم العريس للعروس (عروس, عروس مدّي إيدك اليمين والجَبَره على رب العالمين وابني قد لك التلبيسة وإنشاء الله بالسعادة والبنين).
بعدها يبدأ الاستعداد للعرس, والعرس السلموني له جماليته من حيث أنه لا يخص أهل العريس وحدهم بل الحي, ونستطيع القول المدينة كلها, تبدأ أم العريس أو أخواته بالعزيمة للأقرباء والجيران بلكمة (تفضلوا عا قبال الفرح بدياركم) وأحياناً يرافق عازف الأرغول أهل العريس وقت العزيمة حيث يعزف أما كل بيت من المعازيم فتكرمه صاحبة البيت بأن تعطيه قطعة نقدية أو بيضة أو رغيف خبز.
مع انتهاء العزيمة يبدأ أهل العريس بتحضير لوازم طعام العرس من أرز وبرغل وسمن وذبائح, كما يقوم أهل الحي والأقرباء بإهداء أهل العريس جزءاً من هذه المواد كلٌ حسب مقدرته, وهذا نوع من التكافل الاجتماعي له خصوصيته وجماليته في مجتمعاتنا العربية.
وبعد ذلك يأخذون جهاز العروس من ملابس وذهب إلى بيت أهل العروس حيث تذهب مع قريباتها وقريبات أهل العريس إلى حمّام المدينة للاستحمام ووضع الحنة على الشعر واليدين هي ومن معها من الصبايا, وتأتي الماشطة لتزين العروس وتكون أجرتها محجوزة على حسب الحالة المادية لأهل العريس.
يبدأ النقر على الدربكة والرقص والغناء على مصطبة الحمّام وهناك أغنية سلمونية باللكنة البدوية تقول في دور منها:
نُزُلمْ على الحمّام يا سلميى
أوف وحلّوا شعرهُمْ
كل البنات نجوم يا سلميى
أوف وحبي قُمرهمْ
ومع المغيب يعود الجميع إلى بيت أهل العروس حيث يكون العرس في اليوم الأول في بيت الأهل, وفي اليوم الثاني في بيت أهل العريس, والعرس من أوله إلى آخره وفي كل نقلة منه تكون أهزوجه أو هلهوله مثلاً:
عند طلعة العروس من بيت الأهل يغنون:
تحَلحَل يا جَمل بالله تحَلحَلْ
عِنّا بنّية اليوم بدها تِرحلْ
كما تغني أخوات العريس :
يا بنت عمي اعطوني عروس خيي غابت الشمس وضم الليل عليي
نخّ الجمل قومي اركبي يا نايفة
والخيل تعبت والأمارة واقفة
حلفت عروسة ما بتعلى جملكم
إلا يجي بيّا كبير الطـــايفة
يأتي والد العروس أو أخوها الكبير يمسكها من يدها وسط الزغاريد والغناء ليوصلها إلى باب الدار, من ثمّ يذهب الموكب إلى بيت أهل العريس وعند الوصول تبدأ الأهزوجة:
يا أم العريس قومي امشي ولالي
جيتك كنه يا بدر الهِلالي
جيتك كنّه والأسـاور بيــدها
تقولّو للبدر ميّل من قبالي
جيناكم جيناكم لا تقولوا ما جينا
وجبنا معنا العروس ويا رب تهنينا
ملاحظة: إذا كانت العروس من خارج المدينة يكون الموكب بالعربات والخيول المزينة وترافقه الخيّالة على الجانبين مع الغناء وإطلاق الرصاص وستتقبل في بيت جيران أو أقرباء العريس ويُقام لها عرس طبخ ويقال: اليوم العروس ضيفة عند بيت فلان وقد تتكرر الاستضافة لأكثر من بيت أو بيتين أو ثلاثة ويغنون:
يا حمام مسرول لا تقنص قنايص
وبدار أبو فلان نزلنا العرايس
بعدها تذهب العروس إلى بيت أهل العريس ومثل ما تزف العروس يزف العريس من قبل أصدقائه وأقربائه وأهل الحي بعد الاستحمام والحلاقة, ويرقص الشباب بالبواريد والخناجر ويتم إطلاق الرصاص ويغنون:
وإن هلهلتي هلهلنالك صبينا البارود قبالك
وإن هلهلتي يا صبية الواحد منّا يسوى ميّة
هذه الأهزوجة أصبحت على لسان الثوار ضد المستعمر الفرنسي أيام الثورة السورية 1925 حيث يغنون وبدل الصبية تصبح سوريا هي المقصودة ففي خيال وذاكرة العربي الأرض والأنثى وجهان لعملة واحدة.
كما أن هذه الأهزوجة قيلت في ثورة الاستقلال ضد الفرنسيين 1945-1946 ومنها:
وإن هلهلتي يـا أم عصـابه يا أم العيون النصـابة
يا من شاف لي راعي العوجة متل السبع بوسط الغابة
ولا يجوز التفريط بأي منهما فالمثل السلموني يقول (اللي بايع أرضو, بايع عرضو) فهو ينهى عن بيع الأرض.
كان البيت السلموني داراً عربية حيث الفسحة السماوية في وسط الدار تتسع لكل المعازيم وتوضع العروس على مرتبة عالية بحيث يتمكن الجميع من رؤيتها وتكون العجائز قد أنهت الطبخ ومع الغناء وحلقات الدبكة والزغاريد يبدأ توزيع الطعام ويغنون:
(لمين هالمنسف اللي يكرج على حروفو, هذا منسف أبو فلان ونحنا اليوم ضيوفو)
يأكل الرجال أولاً ثم النساء والأطفال ويغنون للعريس:
(عريس, عريس حط ريال فوق ريال, عشرين علبة دهب وبجيبة السروال, لا زين تقلك دهب, لا زين تقلك مال, لا طلعك يا قمر نيسان تضوي على البلدان)
كما يغنون للعروس:
(يا طالعة الدرج يا علالية, يا شايلة قرص العسل من دون صينية, معكم مصاحف, معنا كتب شرعية, يا الدافعين الألف لا تندموا على الميّة)
ترقص الصبايا ويغنى للسمر والبيض منهن نحنا البيض نحنا البُنيات, نحنا القصب مص, نحنا السكريات, يا بايع البن تبيع بالأوقيات, مهما غليت التمن نحنا المشتريات)
(نحنا السمر نحنا الخوختين بعود, واللي يوقع بهوانا عمرو ما يشوف قعود, وحياة رب السما اللي ما بعد جودو جود, نحنا السمر حلوين ولو كنّا عبيد وسود).
أهم الأدوات الموسيقية كان المزمار والطبل في العرس, ويأتي عازف الأرغول ويبدأ عزفه أمام المغني لاستفزازه وعلى السّلم الموسيقي يبدأ المغني بالغناء وسنورد هنا أغنية المولية السلمونية:
ميلي ما مال الهوى عيني يا موليا
صفصاف لا تستحي شرشك على الميّة
تحصد سَبَل هاوي تحصد سَبَل هاوي
يا عم خدني معك لسه القلب هاوي
قامت وفرعت وبطاق بداوي
تشبه لعنتر عبس رابض على الميّة
وتصيح صابوني وتصيح صابوني
مرّوم عليّ العدا وبالعين صابوني
لو قطعوني ترم والواح صابوني
ما خد إلا إخت الولد هالخاطره بيّ
غرب الخضر صاحت غرب الخضر صاحت
راحت لا ترد الغنم بردانها لاحت
كلب ولد الكلب محبوبتك راحت
راحت لا ترد الغنم ردت هواوي
هذه الأغنية تغنى باللكنة البدوية وتردد اللازمة بعد كل أربعة أبيات.
ومن أغاني الأعراس أيضاً الدلعونة:
على دلعونة وعلى دلعونة
عليكي يا مليحة العالم دلّونا
لا اطلع عالجبل قطف قطيفه
وانزل عالمرسح نقي عاكيفي
ماني يا يمّا وحياتك خايفي
بدي حبيبي أسمر اللونا
ياللي تمشطي وشعرك جنابي
سوسحت المجوّز كيف العزابي
يوم الماشوفك بعلق بتيابي
نهرين وعاصي ما بيطفونا
عطيني محرمتك لا عصّب إيدي
بلكي المحبة من الله تزيدي
وأني لا قعدلك عالجسر الحديدي
بلكي عسى الله حبابي يجونا
يا زهر الربيعي ويا زهر الربيعي
ومنك الغالي ما يشبع تطليعي
عادرب حماره صار التوديعي
هرّون بالبكي وعمون يا عيونا
يا للي تمشطي بمشط الحيّة
إن طرتي للسما مرجوعك ليّ
لا بدي أمي ولا بدي بيّ
بدي حبيبي الدافع رعبونا
شوقي يا معلل شوقي يا مدلل
والعشرة بينا ما راح تتبدل
واللي عندو صبايا يكسدها مخلل
ويحطا مـازا لليشربونـا
وكلّما هدأت الدبكة يأتي عازف الأرغول إلى أمام المغني يعزف له فيغنّي بعض من العتابا والميجنا ونايل وغيرها ومن ثم تعود الدبكة من جديد, وفي حلقات الدبكة كانت حلقة الوصل بين النساء والرجال شاب قريب لأول فتاة تمسك بيده , ولم يكن جائزاً أن يمسك شاب وسط النساء كما هو اليوم ويقوم أهل العريس بإبعاد الشباب وخاصة الصغار منهم من وراء الراقصين والراقصات في المرسح, وتقف النسوة في طرف من العرس ويقف الشباب في الطرف الآخر, ويمنع وجود أحد لغير الشاعر والمشوبش وعازف الأرغول وواحد يسقي الماء بوسط المرسح أما الذين يطلقون العيارات النارية يقفون وراء الراقصين ليوخون الحذر والحيطة.
وعندما كان يمر موكب العروس ويكون مشياً على الأقدام إذا كانت العروس من نفس القرية أو المدينة, عند كل بيت يخرج صاحب البيت ويدفع بعض النقود للمشوبش ليقول: شابوش يا بو فلان خلفْ الله عليك, وهكذا حتى تصل العروس إلى بيت العريس, يتقدمك الرجال عندئذ وبيد كل واحد منهم مبلغاً من المال وينتظرون حتى يبدأ والد العريس أو أخوه الأكبر في حال وفاة الأب بدفع النقوط, وتوضع في منديل تمسك به واحدةٌ من أهل العريس وواحدة من أهل العروس والمشوبش يقول: شابوش يا بو فلان وعاقبال الفرح بدياركم, وتردّ النساء بالزغاريد ثم يدفع النقوط الأقرباء والأصدقاء الحميمين وبعدها بقية الموجودين في العرس وقد يكون النقوط رأس غنم أو أكثر أو نقود أو قطعة أرض.
هذه الأشياء تقدم من الأقرباء والأصدقاء الحميمين جداً وهذه (النَقطة) كما تسمى باللهجة المحلية تصبح من حق العروس.
عندما تبدأ الدبكة يدفع بعض الراقصين وخاصة من يمسك بأول المرسح نقوداً للمشوبش لكي يشوبش له, والنقود التي تدفع للمشوبش يضعها في جيب الشاعر وفي نهاية العرس يتقاسم الاثنان المبلغ بنسبة متفق عليها, وكان بعض أهل العرس يراقبون الداخلين إلى فناء الدار لحضور الفرح, فإذا دخل احدهم يقوم والد وأم العريس بدفع شابوش باسمه ليعلن للآخرين خبر قدومه.
عند تعب الشباب من الدبكة تمسك النساء بالمرسح ولهن موسيقا خاصة (المجوز), ومعظم الدبكات كانت (شمالية – نشلة – نقذة).
في العرس يقول أهل العريس أهازيج تمجد لهم ويقابلها أهل العروس بأهازيج مماثلة , وقد يتطور الأمر إلى مشاحنة تصل حد الاقتتال ويتدخل الناس لحل المشكلة, وهناك لقطة من إحدى مسرحيات الشاعر محمد الماغوط تصوّر ذلك (مسرحية غربة).
يكون العرس على حسب الحالة المادية للشخص من حيث المصاريف أو عدد الأيام التي يبقى فيها العرس قائماً من يوم إلى ثلاثة أيام واستثناء سبعة أيام وأحياناً يتدخل الوضع الاجتماعي للعروس ويكون الاختيار على أساس المال أو الجاه دون النظر إلى الجمال مما يستدعي سخرية المجتمع أو مُزاحه.
حدث مرّة أن كانت العروس غير جميلة ولكن والدها غني اشترطت أن يكون المصاغ أكثر مما هو متعارف عليه في العادة فغنى لها أحد شعراء تلدرة:
يـا سمرة لا تهتمـي مـادامو الكـريم كتيـر
شوفي لك علبة حمره وسفنجة وحنجور صغير
بدها الشَكَل بصفـان ولا بترضا بلا مخمستان
بدها الخزانة بميتان ولا بترضاها بلا جويرير
قبيل انتهاء العرس صمت الناس فيأتي الشباب والصبايا بلوحة غنائية يسمونها كَدن بقر: بنت + شاب بوضع الأيدي على الاكتاف هعلى شكل رتل مع غناء الشخص الذي يتقدم الرتل والجميع يسمعون فقط. وألوان الغناء ميجنا وعتابا ونايل منها نايل:
يا تيل يا بو عمد يا مطارج الوديان
منك تروح وتجي سلم على الخلان
بانتهاء العرس وقبل أن تدخل العروس غرفتها تكون أم العريس قد جهزت الخميرة وهي قطعة عجين مغمزة بالورد والأوراق العطرة وداخل الخميرة قطعة نقدية صغيرة, ويطلب من العروس أن تلصقها في أعلى باب غرفتها فإن لصقت الخميرة ابتهج الجميع واعتبروا أن العروس فأل خير عليهم وإن وقعت تشاءموا وكان أهلها يوصونها (إلزقي الخميرة مليح).
وفي الصباح تأتي أم العروس بالفطور ويكون عادةً (طبخ دسم, حلويات, فواكه) ويستمر جلب هذا الفطور لمدة ثلاثة أيام وعلى العروس أن تُري بائنتها لأمها وحماتها وكل النساء القريبات اللواتي يحضرن للمباركة وهذا الموضوع مهم جداً في مجتمعاتنا الشرقية, وهناك أهزوجة تقولها أم العروس: (ستي عروسة قيمي براسك يا مرفوعة الراسِ, لا عيب فيك ولا ما قالت الناسِ, روحي لبيت حماك وقوليلن أنا دهب يوسف بنشك عالراسِ).
وتقول أم العريس أهزوجة تبين فيها ما ترغب الحماة من كنتها أن تكون:
(ستي عروسة أهلا وسهلا فيك بدارك, واللي كنتي طويلة يا سند لدارنا, واللي كنتي قصيرة يا رمح بيد عسكرنا, واللي كنتي سمرة يا قهوة فنجانا, واللي كنتي أصلية عمرتي ديارنا, واللي كنتي كريمة الكرم عادات رجالنا).
وأثناء الاحتفال بالعرس تقوم بعض الفتيات ممن يتمتعن بالبداهة والظرافة بالتنكر بزي الرجال ووضع الشوارب واللثام ويقمن بالهجوم على الصبايا وتقبيلهن وهنا تهرب الفتيات ويتعالى الضحك, أو يقوم أحد الرجال بالتنكر ويقوم بتقبيل إحدى النساء التي تصرخ وتركض والكل يضحك, ولكن تلك المرأة حتماً هي زوجته وبانتهاء الضحك على الشخص المتنكر أن يكشف عن وجهه الحقيقي أمام الجميع حتى لا يكون هناك التباس أو شبهة.
وتسمى تلك اللعبة (العريبية).
وفي العرس أيضاً كان الشباب يتبارى بما يسمى (القيمة) والقيمة هي رفع عمود من الحجر الأزرق, وما كان أكثر تلك الأعمدة في سلمية ومحيطها واليوم لا نلحظ لها وجوداً, ويتبارى الشباب بإصابة الهدف ويسمى (نيشان) والنيشان يكون إما ديك مربوط على مسافة معينة أو حجر هذا الحجر (خوري القبة) ويطلق الرصاص من بواريد فرنسية أو عثمانية ومن يصيب الهدف فهو الفائز.
نورد هنا بيتين عتابا مما كان يغنى بالأعراس:
جروحي انحلوا واقطبها الحمولي
يا حادي العيس شيلي الحمولي2
نشدتـك بـالنبي منّا الـحمولي3
لا شيل الجود4 عنك والقـراب
اللون الآخر نايل:
لمن نويت السفر قامت توصيني
ليّا سويد الوجه لمن مخليني
والغناء باللكنة البدوية.
ونختم موضوعنا بقصيدة باللهجة السلمونية كتبها شاعر يحن إلى الماضي ويتذكر فيها سنوات الجفاف والقحط التي مرت بسلمية بالخمسينات من القرن الماضي, مما اضطر نسبة كبيرة من السكان إلى هجر أراضيها والذهاب إلى المدينة للبحث عن وسيلة للعيش وعجز الشباب عن تأمين متطلبات العرس والعيش بطمأنينة.
تقول القصيدة:
طلبت مني هديه العرس
غوازي تعبي الصفية
باريم حيايا بالإيد
عصبة خيوطها فضية
البيت حجارو من البلعاس
سيج فلة وعطرية
بالصيادة طراد الخيل
هودج شايل نشمية
سعن الشجرة وتلتوت
اعزم خوالي عالجية
تحني كفوفي بالحمّام
اللي مكانو شرقية
بيوم الفرح تدق طبول
دبكة شلة شمالية
موليا وزلفا وونسوان
هناهينن سلمونية
لعين الزرقا وعين خزام
نمشور للعيدونية
اللي حفروا قناة العاشق
كرامة لعين الصبية
طلباتي مو صعبة كتير
اصحا تقلي ما فيّ
قلتلها بحبك للموت
يا خزما تأني عليّ
خلصوا الميّات من البير
ونشفتي بالغيمة الميّة
الموسم يا روحي تعبان
متلتل بديونو بيّ
ما عندي طواحين الميّة
ولا زراعي الخصيمية
ولا عندي غنم الأبرش
بملك أوضة وعليّة
إن شاء الله بتحسن هالحال
وطلباتك من عينية
يا حلوة بيكفيك فخر
إنوا بلادك سلمية
تغير الكثير من هذه الصور في علاقاتنا الاجتماعية اليوم, وتغيرت علاقة الكنة مع أهل زوجها فهذه العلاقة صارت تحكمها الاستقلالية والاحترام المتبادل وأصبحت العائلة الخاصة الصغيرة, والتي تتألف من الزوج والزوجة وأولادهما هي النمط السائد بدلاً من العائلة الأبوية الكبيرة التي تضم أكثر من جيل, الكل يسكن داراً واحدة ويتناول الطعام حول طبق واحد.
منقول عن موقع الريف نت
سلمية بوابة البادية على الحضارة والعمل الأساسي للسكان هو الزراعة وتربية الحيوان, وصِلةُ سلمية بمحيطها البدوي وطيد لحاجة سكانها لعمل البدو في تربية الأغنام, وحاجة البدو لمنتجات أهل المدينة من حبوب وخضار ومواد مصنوعة, ومع تبادل السلع يتم تبادل الأفكار والخبرات كما في كل زمان ومكان.
إذاً كانت ثقافة الإنسان السلموني مزيجاً من هذا كله لكنه أعطاها هويتها المتميزة والمتلائمة مع الوسط الذي يعيش فيه.
سنتناول اليوم العرس السلموني كما كان يتم في الماضي بكل تفاصيله:
تتم الخطوبة بعد اختيار أهل العريس للعروس, وغالباً ما تكون ابنة عمه, ويكون الاختيار للعروس ذات البنية القوية ولها مسحة من الجَمال ومن عائلة تلتزم بالعرف والقواعد الأخلاقية للمجتمع.
لا يستطيع العريس رؤية عروسه إلا في ليلة الزفاف أو خِلسةً في أحد الأعراس حيث تشير له أمه همساً: هذه هي العروس المُختارة.
تذهب أم العريس بزيارة مفاجئة إلى بيت أهل العروس لترى على الواقع نظافة البيت وجَمال العروس على الطبيعة, وقد تترك منديلها تحت البساط أو الحصيرة دون أن ينتبه أهل البيت وتعود بعد أسبوع فإن كان المنديل غير موجود في مكانه فهذا يعني أن أهل البيت قد قاموا بتنظيف بيتهم وإن كان قد بقي في مكانه فلا نظافة في هذا البيت وتذهب أم العريس ولا تعود.
بعد اختيار العروس المطلوبة يتم الاتفاق بشكل جانبي بين النساء من الطرفين , ثم يذهب والد العريس وإخوته ووجها العائلة والحي أحياناً وتتم الخطوبة بقراءة الفاتحة والاتفاق على المهر (مقدم ومتأخر) ويكون المقدم ذهب وثياب وبعض الأثاث كالخزانة أو صندوق مطعّم لوضع الثياب, وبعد قراء ة الفاتحة توزع الحلوى التي تتألف من القضامة الملبسة وكعيبات ومربى وسكاكر. وتقول أم العريس للعروس (عروس, عروس مدّي إيدك اليمين والجَبَره على رب العالمين وابني قد لك التلبيسة وإنشاء الله بالسعادة والبنين).
بعدها يبدأ الاستعداد للعرس, والعرس السلموني له جماليته من حيث أنه لا يخص أهل العريس وحدهم بل الحي, ونستطيع القول المدينة كلها, تبدأ أم العريس أو أخواته بالعزيمة للأقرباء والجيران بلكمة (تفضلوا عا قبال الفرح بدياركم) وأحياناً يرافق عازف الأرغول أهل العريس وقت العزيمة حيث يعزف أما كل بيت من المعازيم فتكرمه صاحبة البيت بأن تعطيه قطعة نقدية أو بيضة أو رغيف خبز.
مع انتهاء العزيمة يبدأ أهل العريس بتحضير لوازم طعام العرس من أرز وبرغل وسمن وذبائح, كما يقوم أهل الحي والأقرباء بإهداء أهل العريس جزءاً من هذه المواد كلٌ حسب مقدرته, وهذا نوع من التكافل الاجتماعي له خصوصيته وجماليته في مجتمعاتنا العربية.
وبعد ذلك يأخذون جهاز العروس من ملابس وذهب إلى بيت أهل العروس حيث تذهب مع قريباتها وقريبات أهل العريس إلى حمّام المدينة للاستحمام ووضع الحنة على الشعر واليدين هي ومن معها من الصبايا, وتأتي الماشطة لتزين العروس وتكون أجرتها محجوزة على حسب الحالة المادية لأهل العريس.
يبدأ النقر على الدربكة والرقص والغناء على مصطبة الحمّام وهناك أغنية سلمونية باللكنة البدوية تقول في دور منها:
نُزُلمْ على الحمّام يا سلميى
أوف وحلّوا شعرهُمْ
كل البنات نجوم يا سلميى
أوف وحبي قُمرهمْ
ومع المغيب يعود الجميع إلى بيت أهل العروس حيث يكون العرس في اليوم الأول في بيت الأهل, وفي اليوم الثاني في بيت أهل العريس, والعرس من أوله إلى آخره وفي كل نقلة منه تكون أهزوجه أو هلهوله مثلاً:
عند طلعة العروس من بيت الأهل يغنون:
تحَلحَل يا جَمل بالله تحَلحَلْ
عِنّا بنّية اليوم بدها تِرحلْ
كما تغني أخوات العريس :
يا بنت عمي اعطوني عروس خيي غابت الشمس وضم الليل عليي
نخّ الجمل قومي اركبي يا نايفة
والخيل تعبت والأمارة واقفة
حلفت عروسة ما بتعلى جملكم
إلا يجي بيّا كبير الطـــايفة
يأتي والد العروس أو أخوها الكبير يمسكها من يدها وسط الزغاريد والغناء ليوصلها إلى باب الدار, من ثمّ يذهب الموكب إلى بيت أهل العريس وعند الوصول تبدأ الأهزوجة:
يا أم العريس قومي امشي ولالي
جيتك كنه يا بدر الهِلالي
جيتك كنّه والأسـاور بيــدها
تقولّو للبدر ميّل من قبالي
جيناكم جيناكم لا تقولوا ما جينا
وجبنا معنا العروس ويا رب تهنينا
ملاحظة: إذا كانت العروس من خارج المدينة يكون الموكب بالعربات والخيول المزينة وترافقه الخيّالة على الجانبين مع الغناء وإطلاق الرصاص وستتقبل في بيت جيران أو أقرباء العريس ويُقام لها عرس طبخ ويقال: اليوم العروس ضيفة عند بيت فلان وقد تتكرر الاستضافة لأكثر من بيت أو بيتين أو ثلاثة ويغنون:
يا حمام مسرول لا تقنص قنايص
وبدار أبو فلان نزلنا العرايس
بعدها تذهب العروس إلى بيت أهل العريس ومثل ما تزف العروس يزف العريس من قبل أصدقائه وأقربائه وأهل الحي بعد الاستحمام والحلاقة, ويرقص الشباب بالبواريد والخناجر ويتم إطلاق الرصاص ويغنون:
وإن هلهلتي هلهلنالك صبينا البارود قبالك
وإن هلهلتي يا صبية الواحد منّا يسوى ميّة
هذه الأهزوجة أصبحت على لسان الثوار ضد المستعمر الفرنسي أيام الثورة السورية 1925 حيث يغنون وبدل الصبية تصبح سوريا هي المقصودة ففي خيال وذاكرة العربي الأرض والأنثى وجهان لعملة واحدة.
كما أن هذه الأهزوجة قيلت في ثورة الاستقلال ضد الفرنسيين 1945-1946 ومنها:
وإن هلهلتي يـا أم عصـابه يا أم العيون النصـابة
يا من شاف لي راعي العوجة متل السبع بوسط الغابة
ولا يجوز التفريط بأي منهما فالمثل السلموني يقول (اللي بايع أرضو, بايع عرضو) فهو ينهى عن بيع الأرض.
كان البيت السلموني داراً عربية حيث الفسحة السماوية في وسط الدار تتسع لكل المعازيم وتوضع العروس على مرتبة عالية بحيث يتمكن الجميع من رؤيتها وتكون العجائز قد أنهت الطبخ ومع الغناء وحلقات الدبكة والزغاريد يبدأ توزيع الطعام ويغنون:
(لمين هالمنسف اللي يكرج على حروفو, هذا منسف أبو فلان ونحنا اليوم ضيوفو)
يأكل الرجال أولاً ثم النساء والأطفال ويغنون للعريس:
(عريس, عريس حط ريال فوق ريال, عشرين علبة دهب وبجيبة السروال, لا زين تقلك دهب, لا زين تقلك مال, لا طلعك يا قمر نيسان تضوي على البلدان)
كما يغنون للعروس:
(يا طالعة الدرج يا علالية, يا شايلة قرص العسل من دون صينية, معكم مصاحف, معنا كتب شرعية, يا الدافعين الألف لا تندموا على الميّة)
ترقص الصبايا ويغنى للسمر والبيض منهن نحنا البيض نحنا البُنيات, نحنا القصب مص, نحنا السكريات, يا بايع البن تبيع بالأوقيات, مهما غليت التمن نحنا المشتريات)
(نحنا السمر نحنا الخوختين بعود, واللي يوقع بهوانا عمرو ما يشوف قعود, وحياة رب السما اللي ما بعد جودو جود, نحنا السمر حلوين ولو كنّا عبيد وسود).
أهم الأدوات الموسيقية كان المزمار والطبل في العرس, ويأتي عازف الأرغول ويبدأ عزفه أمام المغني لاستفزازه وعلى السّلم الموسيقي يبدأ المغني بالغناء وسنورد هنا أغنية المولية السلمونية:
ميلي ما مال الهوى عيني يا موليا
صفصاف لا تستحي شرشك على الميّة
تحصد سَبَل هاوي تحصد سَبَل هاوي
يا عم خدني معك لسه القلب هاوي
قامت وفرعت وبطاق بداوي
تشبه لعنتر عبس رابض على الميّة
وتصيح صابوني وتصيح صابوني
مرّوم عليّ العدا وبالعين صابوني
لو قطعوني ترم والواح صابوني
ما خد إلا إخت الولد هالخاطره بيّ
غرب الخضر صاحت غرب الخضر صاحت
راحت لا ترد الغنم بردانها لاحت
كلب ولد الكلب محبوبتك راحت
راحت لا ترد الغنم ردت هواوي
هذه الأغنية تغنى باللكنة البدوية وتردد اللازمة بعد كل أربعة أبيات.
ومن أغاني الأعراس أيضاً الدلعونة:
على دلعونة وعلى دلعونة
عليكي يا مليحة العالم دلّونا
لا اطلع عالجبل قطف قطيفه
وانزل عالمرسح نقي عاكيفي
ماني يا يمّا وحياتك خايفي
بدي حبيبي أسمر اللونا
ياللي تمشطي وشعرك جنابي
سوسحت المجوّز كيف العزابي
يوم الماشوفك بعلق بتيابي
نهرين وعاصي ما بيطفونا
عطيني محرمتك لا عصّب إيدي
بلكي المحبة من الله تزيدي
وأني لا قعدلك عالجسر الحديدي
بلكي عسى الله حبابي يجونا
يا زهر الربيعي ويا زهر الربيعي
ومنك الغالي ما يشبع تطليعي
عادرب حماره صار التوديعي
هرّون بالبكي وعمون يا عيونا
يا للي تمشطي بمشط الحيّة
إن طرتي للسما مرجوعك ليّ
لا بدي أمي ولا بدي بيّ
بدي حبيبي الدافع رعبونا
شوقي يا معلل شوقي يا مدلل
والعشرة بينا ما راح تتبدل
واللي عندو صبايا يكسدها مخلل
ويحطا مـازا لليشربونـا
وكلّما هدأت الدبكة يأتي عازف الأرغول إلى أمام المغني يعزف له فيغنّي بعض من العتابا والميجنا ونايل وغيرها ومن ثم تعود الدبكة من جديد, وفي حلقات الدبكة كانت حلقة الوصل بين النساء والرجال شاب قريب لأول فتاة تمسك بيده , ولم يكن جائزاً أن يمسك شاب وسط النساء كما هو اليوم ويقوم أهل العريس بإبعاد الشباب وخاصة الصغار منهم من وراء الراقصين والراقصات في المرسح, وتقف النسوة في طرف من العرس ويقف الشباب في الطرف الآخر, ويمنع وجود أحد لغير الشاعر والمشوبش وعازف الأرغول وواحد يسقي الماء بوسط المرسح أما الذين يطلقون العيارات النارية يقفون وراء الراقصين ليوخون الحذر والحيطة.
وعندما كان يمر موكب العروس ويكون مشياً على الأقدام إذا كانت العروس من نفس القرية أو المدينة, عند كل بيت يخرج صاحب البيت ويدفع بعض النقود للمشوبش ليقول: شابوش يا بو فلان خلفْ الله عليك, وهكذا حتى تصل العروس إلى بيت العريس, يتقدمك الرجال عندئذ وبيد كل واحد منهم مبلغاً من المال وينتظرون حتى يبدأ والد العريس أو أخوه الأكبر في حال وفاة الأب بدفع النقوط, وتوضع في منديل تمسك به واحدةٌ من أهل العريس وواحدة من أهل العروس والمشوبش يقول: شابوش يا بو فلان وعاقبال الفرح بدياركم, وتردّ النساء بالزغاريد ثم يدفع النقوط الأقرباء والأصدقاء الحميمين وبعدها بقية الموجودين في العرس وقد يكون النقوط رأس غنم أو أكثر أو نقود أو قطعة أرض.
هذه الأشياء تقدم من الأقرباء والأصدقاء الحميمين جداً وهذه (النَقطة) كما تسمى باللهجة المحلية تصبح من حق العروس.
عندما تبدأ الدبكة يدفع بعض الراقصين وخاصة من يمسك بأول المرسح نقوداً للمشوبش لكي يشوبش له, والنقود التي تدفع للمشوبش يضعها في جيب الشاعر وفي نهاية العرس يتقاسم الاثنان المبلغ بنسبة متفق عليها, وكان بعض أهل العرس يراقبون الداخلين إلى فناء الدار لحضور الفرح, فإذا دخل احدهم يقوم والد وأم العريس بدفع شابوش باسمه ليعلن للآخرين خبر قدومه.
عند تعب الشباب من الدبكة تمسك النساء بالمرسح ولهن موسيقا خاصة (المجوز), ومعظم الدبكات كانت (شمالية – نشلة – نقذة).
في العرس يقول أهل العريس أهازيج تمجد لهم ويقابلها أهل العروس بأهازيج مماثلة , وقد يتطور الأمر إلى مشاحنة تصل حد الاقتتال ويتدخل الناس لحل المشكلة, وهناك لقطة من إحدى مسرحيات الشاعر محمد الماغوط تصوّر ذلك (مسرحية غربة).
يكون العرس على حسب الحالة المادية للشخص من حيث المصاريف أو عدد الأيام التي يبقى فيها العرس قائماً من يوم إلى ثلاثة أيام واستثناء سبعة أيام وأحياناً يتدخل الوضع الاجتماعي للعروس ويكون الاختيار على أساس المال أو الجاه دون النظر إلى الجمال مما يستدعي سخرية المجتمع أو مُزاحه.
حدث مرّة أن كانت العروس غير جميلة ولكن والدها غني اشترطت أن يكون المصاغ أكثر مما هو متعارف عليه في العادة فغنى لها أحد شعراء تلدرة:
يـا سمرة لا تهتمـي مـادامو الكـريم كتيـر
شوفي لك علبة حمره وسفنجة وحنجور صغير
بدها الشَكَل بصفـان ولا بترضا بلا مخمستان
بدها الخزانة بميتان ولا بترضاها بلا جويرير
قبيل انتهاء العرس صمت الناس فيأتي الشباب والصبايا بلوحة غنائية يسمونها كَدن بقر: بنت + شاب بوضع الأيدي على الاكتاف هعلى شكل رتل مع غناء الشخص الذي يتقدم الرتل والجميع يسمعون فقط. وألوان الغناء ميجنا وعتابا ونايل منها نايل:
يا تيل يا بو عمد يا مطارج الوديان
منك تروح وتجي سلم على الخلان
بانتهاء العرس وقبل أن تدخل العروس غرفتها تكون أم العريس قد جهزت الخميرة وهي قطعة عجين مغمزة بالورد والأوراق العطرة وداخل الخميرة قطعة نقدية صغيرة, ويطلب من العروس أن تلصقها في أعلى باب غرفتها فإن لصقت الخميرة ابتهج الجميع واعتبروا أن العروس فأل خير عليهم وإن وقعت تشاءموا وكان أهلها يوصونها (إلزقي الخميرة مليح).
وفي الصباح تأتي أم العروس بالفطور ويكون عادةً (طبخ دسم, حلويات, فواكه) ويستمر جلب هذا الفطور لمدة ثلاثة أيام وعلى العروس أن تُري بائنتها لأمها وحماتها وكل النساء القريبات اللواتي يحضرن للمباركة وهذا الموضوع مهم جداً في مجتمعاتنا الشرقية, وهناك أهزوجة تقولها أم العروس: (ستي عروسة قيمي براسك يا مرفوعة الراسِ, لا عيب فيك ولا ما قالت الناسِ, روحي لبيت حماك وقوليلن أنا دهب يوسف بنشك عالراسِ).
وتقول أم العريس أهزوجة تبين فيها ما ترغب الحماة من كنتها أن تكون:
(ستي عروسة أهلا وسهلا فيك بدارك, واللي كنتي طويلة يا سند لدارنا, واللي كنتي قصيرة يا رمح بيد عسكرنا, واللي كنتي سمرة يا قهوة فنجانا, واللي كنتي أصلية عمرتي ديارنا, واللي كنتي كريمة الكرم عادات رجالنا).
وأثناء الاحتفال بالعرس تقوم بعض الفتيات ممن يتمتعن بالبداهة والظرافة بالتنكر بزي الرجال ووضع الشوارب واللثام ويقمن بالهجوم على الصبايا وتقبيلهن وهنا تهرب الفتيات ويتعالى الضحك, أو يقوم أحد الرجال بالتنكر ويقوم بتقبيل إحدى النساء التي تصرخ وتركض والكل يضحك, ولكن تلك المرأة حتماً هي زوجته وبانتهاء الضحك على الشخص المتنكر أن يكشف عن وجهه الحقيقي أمام الجميع حتى لا يكون هناك التباس أو شبهة.
وتسمى تلك اللعبة (العريبية).
وفي العرس أيضاً كان الشباب يتبارى بما يسمى (القيمة) والقيمة هي رفع عمود من الحجر الأزرق, وما كان أكثر تلك الأعمدة في سلمية ومحيطها واليوم لا نلحظ لها وجوداً, ويتبارى الشباب بإصابة الهدف ويسمى (نيشان) والنيشان يكون إما ديك مربوط على مسافة معينة أو حجر هذا الحجر (خوري القبة) ويطلق الرصاص من بواريد فرنسية أو عثمانية ومن يصيب الهدف فهو الفائز.
نورد هنا بيتين عتابا مما كان يغنى بالأعراس:
جروحي انحلوا واقطبها الحمولي
يا حادي العيس شيلي الحمولي2
نشدتـك بـالنبي منّا الـحمولي3
لا شيل الجود4 عنك والقـراب
اللون الآخر نايل:
لمن نويت السفر قامت توصيني
ليّا سويد الوجه لمن مخليني
والغناء باللكنة البدوية.
ونختم موضوعنا بقصيدة باللهجة السلمونية كتبها شاعر يحن إلى الماضي ويتذكر فيها سنوات الجفاف والقحط التي مرت بسلمية بالخمسينات من القرن الماضي, مما اضطر نسبة كبيرة من السكان إلى هجر أراضيها والذهاب إلى المدينة للبحث عن وسيلة للعيش وعجز الشباب عن تأمين متطلبات العرس والعيش بطمأنينة.
تقول القصيدة:
طلبت مني هديه العرس
غوازي تعبي الصفية
باريم حيايا بالإيد
عصبة خيوطها فضية
البيت حجارو من البلعاس
سيج فلة وعطرية
بالصيادة طراد الخيل
هودج شايل نشمية
سعن الشجرة وتلتوت
اعزم خوالي عالجية
تحني كفوفي بالحمّام
اللي مكانو شرقية
بيوم الفرح تدق طبول
دبكة شلة شمالية
موليا وزلفا وونسوان
هناهينن سلمونية
لعين الزرقا وعين خزام
نمشور للعيدونية
اللي حفروا قناة العاشق
كرامة لعين الصبية
طلباتي مو صعبة كتير
اصحا تقلي ما فيّ
قلتلها بحبك للموت
يا خزما تأني عليّ
خلصوا الميّات من البير
ونشفتي بالغيمة الميّة
الموسم يا روحي تعبان
متلتل بديونو بيّ
ما عندي طواحين الميّة
ولا زراعي الخصيمية
ولا عندي غنم الأبرش
بملك أوضة وعليّة
إن شاء الله بتحسن هالحال
وطلباتك من عينية
يا حلوة بيكفيك فخر
إنوا بلادك سلمية
تغير الكثير من هذه الصور في علاقاتنا الاجتماعية اليوم, وتغيرت علاقة الكنة مع أهل زوجها فهذه العلاقة صارت تحكمها الاستقلالية والاحترام المتبادل وأصبحت العائلة الخاصة الصغيرة, والتي تتألف من الزوج والزوجة وأولادهما هي النمط السائد بدلاً من العائلة الأبوية الكبيرة التي تضم أكثر من جيل, الكل يسكن داراً واحدة ويتناول الطعام حول طبق واحد.
منقول عن موقع الريف نت
...... كان العرس ما بيكلف العريس كتير 
.... وبدا مطرب على زوقا .. 
.... وبدا شهر العسل بتركيا 
والخ.............
