فسيفساء
الوصول إلى التقاعد ليس نهاية المطاف في حياة الفرد ، والنظر إلى هذه المرحلة بوعي وموضوعية يفتح أمام المتقاعد عدّة آفاق طيبة....
بهذه الكلمات افتتح د. محمد حسن غانم مدرس علم النفس بجامعة حلوان المصرية مقاله الذي يتحدث فيه عن التقاعد وأزمته في مجلة العربي في عددها 599 الصادر شهر أكتوبر 2008..حيث أوضح أن علماء النفس قد رصدوا خمسة أنماط مختلفة من الأفراد ، يعبرون عن موقفهم من التقاعد ، وهم:
النمط الناضج : وأصحاب هذا النمط يتقبلون التقاعد على أساس أنه حدث لا بد منه ، ويجدونه فرصة للخروج من دائرة الروتين والعمل للبدء فورا بإقامة علاقات اجتماعية جديدة ،واكتشاف ذاتهم من جديد .
أما النمط الثاني : الذي يطلق العلماء عليه " أصحاب المقعد الهزاز " وهم أشخاص يرحبون بالتقاعد لأنهم يجدوا فيه فرصة للراحة والإسترخاء والتأمل وعدم الالتزام بالاستيقاظ في وقت محدد.
في حين يطلق العلماء على النمط الثالث " أصحاب الدروع " حيث يرفض أصحاب هذا النمط أي عرض للاستجمام أو حتى هدنة من العمل فالعمل لديهم أشبه بالدروع التي يتسلحون بها لاستمرار وجودهم في الحياة،فأمنيتهم ومتعتهم أن يموتوا وهم يعملون.
أما النمط الرابع " الغاضبون " فهم الرافضون لفكرة التقدم في العمر وفكرة التقاعد، ويعتبرون أن الآخرين هم السبب في فشلهم في تحقيق أهدافهم ، فلذلك تسوء علاقتهم بذاتهم أولا ثم بالآخرين ثانيا.
أما النمط الخامس " كارهو أنفسهم" الذين يلومون أنفسهم على كل فشل لحق بهم، بل حتى يلومونها إذا بدر منهم إحساس بالفرح !!!
ومن المشكلات التي يواجهها المتقاعد المسن منها ما هو نفسي كالحزن والأسى والشعور بالذنب الناجم عن الصراعات والاستغراق في الأحداث الماضية ، والشعور بالوحدة والإكتئاب والقلق ، والدخول في المشكلات الخاصة بمرحلة التقاعد كالعته وذهان الشيخوخة وقد يصل الشخص إلى مرحلة الخرف.
ومن المشكلات ما هو صحي كازدياد الأمراض وانخفاض القدرات العقلية ( التذكر –التفكير – التخيل – التصور ) ..ومنها ما هو اجتماعي كالاحساس بالاغتراب ( وأخطره الاغتراب النفسي حيث يشعر الفرد بأنه غريب عن نفسه)، وفقدان أدواره الاجتماعية السابقة والإحساس بتقص مكانته الاجتماعية داخل الأسرة ..ومنها ما هو اقتصادي كانخفاض الدخل وصرف القسم الاكبر منه على العلاج والدواء والاحساس بالعجز عن تلبية مطالب الأبناء..
أما عن التعامل مع المتقاعد – المسن فيكون من خلال فهم طبيعة مرحلة التقاعد والأزمات المختلفة التي يمر بها المتقاعد ، وتصميم برامج وقائية تقي من أزمة التقاعد المفاجئ ، والاستفادة من طاقات المتقاعدين البشرية وإعطائهم أدوارا جديدة يمارسونها في مجتمعهم ، وإعداد فريق علاجي متكامل ( أخصائي نفسي –أخصائي اجتماعي –طبيب نفسي-ممرض متخصص في مجال كبار السن ) لتقديم رعاية متكاملة لهذه الفئة.
ويشير المقال إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد الأشخاص الذين بلغوا سن الستين سنة حسب توقعا ت الأمم المتحدة إلى 976 مليون نسمة عام 2020.
