د. نضال معروف : ( كلنا شركاء ) 2/6/2009
لم أصدق عيني وأنا أستمع لمقابلة عادل إمام مع عمرو الليثي في برنامج "واحد من الناس" وكنت كمن يشاهد عرضاً لساحر يقطع إلى نصفين يجتاحك شعور بالخوف والدهشة والإثارة لكن الساحر عادل إمام كان يحترق أمامي ويتقطع دون أن يتمكن من النجاة ليصفق له الجمهور طويلاً لبراعته في النجاة .
نعم مات بهجت الأباصيري وسرحان عبد البصير والزعيم دفعة واحدة بعد طول بقاء لعدة عقود هكذا خلال دقائق. مالفت نظري أن إمام الذي نظرنا إلى ذكائه من خلال عبقرية الشخصيات التي لعبها يكشف لك أنه لايتمتع بذلك الذكاء و"الفهلوية" التي تشع في شخصية بطل مدرسة المشاغبين بل بدا أنه يعاني من تطاير الأفكار والإرهاق الذهني وبدا أنه وبجدارة "الواد اللي مابيجمعش" تلك الشخصية التي أداها بمهارة الراحل يونس شلبي في نفس المسرحية.
حاول إمام أن يضكحنا بأجوبته لكنه كان يكرر نفسه بتصنع لايمكن إخفاؤه فالرجل فشل في أن يقول جملة واحدة مفيدة بل بدت ردوده مفككة غير متصلة ببعضها وخيّل إلي أنه أشبه بآلة تعطل فيها جهاز الاستقبال فمضى جهاز الارسال يعمل بشكل فوضوي فهو يبكي على صدام حسين لأن أمريكا شنقته ثم يسخر من صمود غزة وحماس ويهزأ بحزب الله ثم يبارك مقاومة المصريين ويتساءل بغباء مستفز ماذا فعل حسني مبارك لتكرهوه؟
كان عادل إمام بطلاً في نظر جيلنا الذي ردد تعليقاته في مسرحياته حتى صارت أقوى من الأمثال الشعبية فإذا اشتكى أحدهم لأصدقائه البطالة علق أحدهم بالقول متهكماً "اتكل على الله واشتغل رقاصة" فيفهم الجميع النكتة ضاحكين ويقبلون ظرافتها التي تذكرهم بعادل إمام. بل إن الإعجاب بشجاعته الكوميدية ألّفت مشاهد لم تحصل فكان أصدقائي يؤكدون أن عادل إمام دخل السجن لأنه في مسرحية شاهد ماشافش حاجة خرج عن النص عندما سأله المحقق عمر الحريري كنت فين؟ فيجيب سرحان عبد البصير: في جنينة الحيوانات ، فيسأله المحقق: شفت إيه؟ فيجيب سرحان (وهنا الخروج البطولي المزعوم عن النص) شفت الأسد بتاع سوريا (أي حافظ الأسد) والنمر بتاع السودان (أي جعفر نميري) والفهد بتاع السعودية (أي الملك فهد) والحمار بتاعنا (أي أنور السادات). وبالطبع الخيال الشعبي صنع هذا المشهد البطولي ضد زيارة السادات للقدس وأعطاه لبطله الشعبي عادل إمام ولكن المقابلة الأخيرة تبين بما لا لبس فيه أن عادل إمام لايجرؤ على فعل ذلك لأنه تفنن في التملق لرئيس مزمن لايفهم أحد في العالم كيف يقف كسجان شرير بلا رحمة على فم غزة.
لايستطيع المرء أن يفسر كيف هاجم عادل إمام كل مقاومة وحزب الله وهو بنفسه زار جنوب لبنان بعد التحرير في عام 2000 وكنوع من التضامن والتأييد للمقاومة وللانتفاضة الفلسطينية بالحجر وقف على بوابة فاطمة والقى حجراً باتجاه الأراضي المحتلة أمام عدسات الكاميرات محاطاً بحشد من محبيه الجنوبيين. أعتقد أنه نفسه لايعرف الإجابة وأشك في مقدرته على الفهلوية هنا.
اللقاء الأخير بدا كوميدياً للغاية وكان بصراحة صالحاً لأن يحشر في إجابات سرحان عبد البصير لتكون إثراء لنص مشهد المحكمة حيث سرحان بدا "غلبان قوي". أما عمرو الليثي الذي بدا مندهشا لسذاجة عادل وسطحيته وتملقاته وتخبطاته فلا أستغرب أن نشاهده قريباً وقد قلع البنطلون والجاكيت ورقص كما الاستاذ "علام المنالاوي" وهذى مثله وهو يحاول أن يخبرنا "الحكاية من أولها لآخرها" لأنه بدا إحدى ضحايا عادل إمام وهو لايصدق أن هذا هو فنان الشعب.
أخيراً أتذكر مشهداً لعادل إمام في مدرسة المشاغبين وهو يسأل سهير البابلي بظرف وسخرية: شفتيني وانا ميت؟ أجنن وانا ميت. ونحن نؤكد أننا الآن رأيناك وأنت ميت. تجنن وانت ميت
نهاية عادل إمام هي نهاية مأساوية لملهاة كوميدية ولكنها نهاية سريعة بالموت المفاجئ، فيا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ...صدق الله العظيم
لم أصدق عيني وأنا أستمع لمقابلة عادل إمام مع عمرو الليثي في برنامج "واحد من الناس" وكنت كمن يشاهد عرضاً لساحر يقطع إلى نصفين يجتاحك شعور بالخوف والدهشة والإثارة لكن الساحر عادل إمام كان يحترق أمامي ويتقطع دون أن يتمكن من النجاة ليصفق له الجمهور طويلاً لبراعته في النجاة .
نعم مات بهجت الأباصيري وسرحان عبد البصير والزعيم دفعة واحدة بعد طول بقاء لعدة عقود هكذا خلال دقائق. مالفت نظري أن إمام الذي نظرنا إلى ذكائه من خلال عبقرية الشخصيات التي لعبها يكشف لك أنه لايتمتع بذلك الذكاء و"الفهلوية" التي تشع في شخصية بطل مدرسة المشاغبين بل بدا أنه يعاني من تطاير الأفكار والإرهاق الذهني وبدا أنه وبجدارة "الواد اللي مابيجمعش" تلك الشخصية التي أداها بمهارة الراحل يونس شلبي في نفس المسرحية.
حاول إمام أن يضكحنا بأجوبته لكنه كان يكرر نفسه بتصنع لايمكن إخفاؤه فالرجل فشل في أن يقول جملة واحدة مفيدة بل بدت ردوده مفككة غير متصلة ببعضها وخيّل إلي أنه أشبه بآلة تعطل فيها جهاز الاستقبال فمضى جهاز الارسال يعمل بشكل فوضوي فهو يبكي على صدام حسين لأن أمريكا شنقته ثم يسخر من صمود غزة وحماس ويهزأ بحزب الله ثم يبارك مقاومة المصريين ويتساءل بغباء مستفز ماذا فعل حسني مبارك لتكرهوه؟
كان عادل إمام بطلاً في نظر جيلنا الذي ردد تعليقاته في مسرحياته حتى صارت أقوى من الأمثال الشعبية فإذا اشتكى أحدهم لأصدقائه البطالة علق أحدهم بالقول متهكماً "اتكل على الله واشتغل رقاصة" فيفهم الجميع النكتة ضاحكين ويقبلون ظرافتها التي تذكرهم بعادل إمام. بل إن الإعجاب بشجاعته الكوميدية ألّفت مشاهد لم تحصل فكان أصدقائي يؤكدون أن عادل إمام دخل السجن لأنه في مسرحية شاهد ماشافش حاجة خرج عن النص عندما سأله المحقق عمر الحريري كنت فين؟ فيجيب سرحان عبد البصير: في جنينة الحيوانات ، فيسأله المحقق: شفت إيه؟ فيجيب سرحان (وهنا الخروج البطولي المزعوم عن النص) شفت الأسد بتاع سوريا (أي حافظ الأسد) والنمر بتاع السودان (أي جعفر نميري) والفهد بتاع السعودية (أي الملك فهد) والحمار بتاعنا (أي أنور السادات). وبالطبع الخيال الشعبي صنع هذا المشهد البطولي ضد زيارة السادات للقدس وأعطاه لبطله الشعبي عادل إمام ولكن المقابلة الأخيرة تبين بما لا لبس فيه أن عادل إمام لايجرؤ على فعل ذلك لأنه تفنن في التملق لرئيس مزمن لايفهم أحد في العالم كيف يقف كسجان شرير بلا رحمة على فم غزة.
لايستطيع المرء أن يفسر كيف هاجم عادل إمام كل مقاومة وحزب الله وهو بنفسه زار جنوب لبنان بعد التحرير في عام 2000 وكنوع من التضامن والتأييد للمقاومة وللانتفاضة الفلسطينية بالحجر وقف على بوابة فاطمة والقى حجراً باتجاه الأراضي المحتلة أمام عدسات الكاميرات محاطاً بحشد من محبيه الجنوبيين. أعتقد أنه نفسه لايعرف الإجابة وأشك في مقدرته على الفهلوية هنا.
اللقاء الأخير بدا كوميدياً للغاية وكان بصراحة صالحاً لأن يحشر في إجابات سرحان عبد البصير لتكون إثراء لنص مشهد المحكمة حيث سرحان بدا "غلبان قوي". أما عمرو الليثي الذي بدا مندهشا لسذاجة عادل وسطحيته وتملقاته وتخبطاته فلا أستغرب أن نشاهده قريباً وقد قلع البنطلون والجاكيت ورقص كما الاستاذ "علام المنالاوي" وهذى مثله وهو يحاول أن يخبرنا "الحكاية من أولها لآخرها" لأنه بدا إحدى ضحايا عادل إمام وهو لايصدق أن هذا هو فنان الشعب.
أخيراً أتذكر مشهداً لعادل إمام في مدرسة المشاغبين وهو يسأل سهير البابلي بظرف وسخرية: شفتيني وانا ميت؟ أجنن وانا ميت. ونحن نؤكد أننا الآن رأيناك وأنت ميت. تجنن وانت ميت
نهاية عادل إمام هي نهاية مأساوية لملهاة كوميدية ولكنها نهاية سريعة بالموت المفاجئ، فيا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ...صدق الله العظيم