كم كنت أهوى الرسم
كانت رسوماتي هي عالمي
كنت أرسم ككل الأطفال
بيتاً ... شجرةً ... لعبة
وبكل فرح ألونها
وفي يوم من الأيام
قررت أن أرسم
حباً
قالوا لي : لون الحب أحمر
فلم أصدق ...
فرسمته
أبيض بلون النقاء
أخضر بلون العطاء
أزرق بلون السماء
انتهيت من لوحتي وقلبت الصفحة
قررت أن أرسم
عائلتي
قالوا لي : أبوك وعمك متخاصمان
وأخوك وخالك متجافيان
فلم أصدق ...
فرسمت عيداً وحلوى ..وأغنيات
منزل جدي والجميع يجلسون ... تزين جلستهم الضحكات
والأطفال يركضون ... تسبقهم الأمنيات
انتهيت من لوحتي وقلبت الصفحة
قررت أن أرسم
وطني
قالوا لي : ليس في وطنك سوى الحروب
فلسطين مغتصبة والعراق مسلوب
فلم أصدق ...
رسمته وردياً ... كأحلام الصغار
عصافير المحبة تنشر الفرح في كل الأقطار
وأراض واسعة ... تغطيها الأزهار
انتهيت من لوحتي وأغلقت الدفتر ...
ومضت السنوات ... وانتهت أيام الطفولة
وعدت إلى دفتري
فتحت صفحة الحب .. وجدتها سوداء من كثرة الخداع
فتحت صفحة عائلتي .. وجدتها ممزقة من كثرة الشجار
وبخوف شديد فتحت صفحة وطني ...
لم أجد شيئاً ... صمت قاس يلف اللوحة
أين كل ما رسمته ؟؟
بياض بياض ... أمعنت النظر وجدت نقطة حمراء
لا لم تكن قطرة دم
كانت برعماً لثورة
أخذ يكبر ويكبر ...