.........

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كتاب(ريتشارد فاغنر)…ميكائيل سيفيل

    شادي
    شادي
    مشرف عام


    ذكر عدد الرسائل : 684
    العمر : 41
    مكان الإقامة : سلمية
    تاريخ التسجيل : 17/02/2008

    كتاب(ريتشارد فاغنر)…ميكائيل سيفيل Empty كتاب(ريتشارد فاغنر)…ميكائيل سيفيل

    مُساهمة من طرف شادي الأحد أبريل 19, 2009 12:37 pm

    مؤلف هذا الكتاب هو الباحث ميكائيل سيفيل المختص بدراسة الفكر الألماني وموسيقى فاغنر والحركات الفنية والايديولوجية لذلك العصر، وهو هنا يقدم لمحة تاريخية عامة عن هذا الموسيقار الشهير الذي لا يقل أهمية عن باخ، أو موزار، أو بيتهوفن، أو شوبان، أو روبرت شومان، أو بقية العباقرة الألمان.
    وهو يقول بما معناه: ولد ريتشارد فاغنر في مدينة لايبزيغ عام (1813) (22 مايو) ومات في البندقية عام (1883) (13 فبراير) وهذا يعني أنه عاش سبعين عاماً.
    والواقع أن فاغنر كان أحد العباقرة الكونيين في تاريخ البشرية ولم يكن فقط موسيقاراً وإنما كان أيضاً شاعراً كبيراً وهو كان يتحدث عن نفسه بصفة شاعر الموسيقى بل وتدخل فاغنر في مختلف المواضيع الاجتماعية والسياسية والفلسفية. ولذا فإنه يستحق أيضاً صفة الكاتب بشكل عام، أو حتى المفكر، ومعلوم أنه كان تلميذاً لشوبنهاور من الناحية الفلسفية وصديقاً لنيتشه وآخرين.
    والواقع ان مقطوعاته الموسيقية كانت تعكس أفكاره عن الحياة، والعالم، والقدر، والفلسفة وبالتالي فقد كانت للرجل إسهاماته في الفكر الحديث. وبالتالي فإذا لم يكن فيلسوفاً في حجم نيتشه أو شوبنهاور أو هيغل فإنه كان مفكراً ولا يمكن أن نستهين بهذا البعد من شخصيته.
    ثم يردف المؤلف قائلا: كانت عائلته مولعة بالفن والموسيقى والمسرح. فوالده الذي كان موظفاً لدى البوليس كان يتردد على المسرح كثيراً وأصدقاء والده كانوا ممثلين وأخته، أي أخت فاغنر، أصبحت ممثلة أيضاً. ولكن الموت سرعان ما عاجل والده الذي مات في احدى المعارك الألمانية ضد نابليون.
    وعندئذ تزوجت أمه من أحد أصدقاء والده الذي كان ممثلاً مسرحياً ورساماً أيضاً وبالتالي ففي هذا الجو المليئ بالفن والتمثيل ترعرع ريتشارد فاغنر وكبر. وعندما بلغ العشرين من العمر دخل في الحياة الموسيقية الفعالة وألف أول مقطوعة له بعنوان: ربات الجمال. ولكن الناس تجاهلوا هذه الأوبرا الغنائية ولم يهتم بها أحد طيلة حياة الموسيقار كلها.
    ثم عادوا إليها بعد موته ومثلوها على خشبة المسرح في فيينا عام 1888، وعلى الرغم من أن هذه القطعة كانت تقليداً لموسيقى بيتهوفن وسواه إلا أنها كانت تحتوي على نغمة شاعرية خاصة به، وفي عام 1834 أصبح فاغنر مديراً للمسرح الموسيقي في مدينة ماغدبورغ. وبقي هناك حتى عام 1836 حيث كتب مقطوعة موسيقية وغنائية جديدة بعنوان: ممنوع الحب!
    وكان متردداً في اختيار المنهج الذي يلائمه. وقد انتقل من تقليد الألمان إلى تقليد الإيطاليين والفرنسيين في مجال الموسيقى. ثم وقع فاغنر في حب ممثلة وتزوجها وبعدئذ انتقل إلى مدينة «ريفا» حيث بقي سنتين كمدير للأوبرا فيها. وهناك ابتدأ تأليف أولى أعماله الكبرى.
    ولكي يكملها على أفضل ما يرام قرر الذهاب إلى عاصمة كبرى كباريس من أجل الاطلاع على الاتجاهات الحديثة في فن الموسيقى. ولكن الرحلة التي تمت عن طريق البحر تعرضت لحادثة فقد تعرض قاربه لإعصار بحري قذف به على شواطئ النرويج! ثم لم يصل إلى باريس إلا في شهر سبتمبر من عام 1839.
    ولكن باريس الثقافة والفن والموسيقى لم تفتح له أبوابها كما كان يتوقع. وقد حاول مرات ومرات أن يقنعهم بتمثيل مسرحيته الموسيقية (ممنوع الحب) ولكنهم رفضوا. وكانت أوضاعه المالية في حالة من البؤس لا توصف. فقد وصلت به الأمور إلى حافة الجوع..
    ولذلك فقد عاد إلى بلاده عام 1842 بعد إقامة طويلة ومخيبة للآمال في العاصمة الفرنسية. وفي طريق العودة رأى نهر الراين الذي يفصل بين فرنسا وألمانيا لأول مرة في حياته. وهو نهر خصب، واسع، عميق، تسير فيه السفن كالبحر.. انه النهر العظيم الذي طالماً تغنى به هولدرلين، وعندئذ كتب فاغنر في مذكراته يقول: لأول مرة أرى نهر الراين.
    لقد امتلأت عيناي بالدموع عندما رأيته. وبدءاً من تلك اللحظة، أقسمت يميناً بالله، أنا الموسيقار الفقير العاثر الحظ، أن أبقى وفياً لبلدي: ألمانيا. والواقع أنه أصبح قومياً جداً وفخوراً بأصوله الجرمانية.
    ثم يردف المؤلف قائلاً: وبعد أن حقق فاغنر بعض النجاحات في مجال الموسيقى الغنائية والأوبرا ابتسم له الحظ وعينوه مديراً لأوبرا دريسدن، وكان قد شغل هذا المنصب قبله فنان كبير هو: فيبر، وعندئذ وجد نفسه على رأس أحد أهم المسارح في ألمانيا كلها وشعر فاغنر بالفرح والثقة بنفسه.
    وقرر ان يجدد الموسيقى الألمانية طبقاً لمبادئه الفنية والفلسفية. ولكنه لاقى مقاومة كبيرة من جهة المحافظين كما يحصل لكل المجددين في أي مجال كان. فالناس كانت متعودة على الموسيقى الإيطالية والأوبرا الإيطالية كانت تسيطر على كل مسارح أوروبا وليس فقط ألمانيا. وفاغنر كان يشعر بأنه محمل برسالة جديدة ألا وهي: تجديد الموسيقى الألمانية وانطلاقاً من ذلك كل الحياة الألمانية.. وبالتالي فكان يشعر بأنه محمل برسالة خاصة إلى قومه وأبناء جلدته، ثم من خلالهم إلى البشرية كلها.
    والواقع ان الفنان كان ذا طبع متمرد بل وثوري منذ طفولته الأولى، أي منذ نعومة أظفاره، وقد فهم أن تجديد الموسيقى أو اصلاح الفن بشكل جذري لا يمكن أن يتم في ظل أنظمة إقطاعية مستبدة كتلك التي كانت سائدة في وقته.
    وبالتالي فقط ربط بين الموسيقى من جهة والحياة الاجتماعية والسياسية من جهة أخرى، وهما شيئان كثيراً ما يفصل الناس بينهما معتقدين بأنه لا توجد علاقة بين الموسيقى والمجتمع، أو أن الموسيقى فن تجريدي سماوي يعلو على الواقع ولا يختلط بهموم السياسية. وهذا خطأ في الواقع لأن الموسيقى على الرغم من خصوصيتها وطابعها الأثيري السماوي لها علاقة بالأرض، أيضاً وبالتاريخ.
    وقد عبر عن ذلك فاغنر في كتاب بعنوان: موسيقي ألماني في باريس: ما كنت أريد قوله هو إطلاق صرخة تمرد ضد وضع الفن في عصرنا… كنت قد دخلت في مرحلة جديدة هي: التمرد على كل ما هو موجود وعلى كل تجليات الفن في ألمانيا وأوروبا.. وكنت أريد تغيير كل شيء أو قلبه رأساً على عقب.
    ولذلك فعندما حصلت ثورة 1848 في فرنسا شعر بأن لها علاقة بالثورة التي يريد أن يحدثها في مجال الموسيقى والحياة ككل، وفي المحاضرة التي ألقاها في (14) يونيه 1848 في مدينة دريسدن قال ما يلي: ينبغي ان نصلح الأوضاع الاجتماعية في بلداننا، فاصلاح الفن لا يكفي إذا لم ترافقه هذه الإصلاحات الاجتماعية والسياسية.
    وقد طالب فاغنر بإلغاء امتيازات طبقة النبلاء الإقطاعيين وإعادة الاعتبار للشعب من دون القضاء على النظام الملكي في ألمانيا كما فعل الفرنسيون. ولكن الملك يصبح عندئذ على رأس دولة حرة لا دولة مستبدة واستبدادية للشعب إنه أول رجل حر من بين الرجال الأحرار.
    ثم يضيف المؤلف قائلاً: وبعدئذ كتب فاغنر مسرحية درامية بعنوان: يسوع الناصري. وقد اتخذ قصة يسوع كحجة من أجل تطوير أفكاره الخاصة بتجديد البشرية وبعثها من جديد، ثم إحلال قانون الحب محل القانون التعسفي للبشر. فالحب هو قانون الانجيل. ألم يقل يسوع: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر؟
    وبعدئذ ساهم فاغنر شخصياً في الأحداث الثورية التي هزت مدينة دريسدن منذ بدايات شهر مايو 1848. وكان على صلة وثيقة مع زعيم الحزب الليبرالي، أي التقدمي، رويكل، وهذا الأخير كان على صلة مع «باكونين» الزعيم الاشتراكي الثوري الشهير.
    ولكن بعد أن قمع الجيش الروسي الانتفاضة الشعبية في دريسدن ابتعد فاغنر عن المدينة. وذهب إلى فايمار حيث استقبله الفنان الكبير ليسنرت. وبما أن دوره في التمرد الثوري كان ثانوياً فإنه اعتقد بأن أحداً لن يقلقه أو يزعجه.
    ولكنه كان مخطئاً في التقدير. فقد صدرت في حقه مذكرة توقيف في السادس عشر من شهر مايو 1848. وعندئذ خشي من أن يعاقبوه بعنف على أعمال لم يرتكبها ففر هارباً من ألمانيا إلى سويسرا. ولم يعد إلى دريسدن إلا عام 1862: أي بعد أربعة عشر عاماً.
    وقد فكر في البداية في اختيار باريس كمقر لإقامته وعمله. ولكنه عدل عن هذا المشروع واختار مدينة زيوريخ بسويسرا حيث أمضى السنوات العشر الأخيرة من حياته في المنفى.
    وعندئذ ابتدأ أصدقاؤه الأغنياء يهتمون بشؤونه المادية ويقدمون له كل ما يحتاجه من مال لكي يتفرغ كليا لعبقريته وأعماله الموسيقية. وعندئذ انخرط في تأليف عدة كتب تهم الفن وقضايا أخرى. نذكر من بينها: الفن والثورة (1849)، فنان المستقبل (1849)، العمل الفني والمستقبل (1849)، الفن والمناخ (1850)، اليهودية في الموسيقى (1850)، الدولة والدين (1850)، الأوبرا والدراما(1851)، رسالة إلى أصدقائي (1851).
    وفي تلك المرحلة اتسمت أعماله الموسيقية بالطابع الصوفي المتشائم أو المبهم الغامض. ووقع عندئذ تحت تأثير ثورة 1848 وفكر فويرباخ الذي سبق ماركس إلى النزعة المادية وتعرية الدين والاستلاب الغيبي. وعندئذ راح فاغنر يثور على الأوضاع السائدة ويمجد الطبيعة والحياة والحب.
    كما وأخذ يظهر عداءه أكثر فأكثر للأفكار المسيحية، وراح يقول بأن الدين الحقيقي هو محبة البشرية وجميع الناس، وأن الإنسان غايته في ذاته وسعادته على هذه الأرض، والباقي تفاصيل، وكان فاغنر يعتقد بأن المجتمع الحديث مبني على الأنانية وأن الثورة ستجيء لكي تجدد البشرية وتعيد للإنسان نبله وصفاءه وأريحيته.
    ثم قرأ فاغنر كتاب شوبنهاور الشهير: «العالم كإدارة وتصور» ووقع تحت تأثيره بشكل صاعق وأصبح لا يحلف إلا باسم فلسفة زعيم التيار المتشائم في الفلسفة الألمانية وربما العالمية.

    الكتاب: ريتشارد فاغنر
    الناشر: تايلور وفرانسيس ـ لندن 2005
    الصفحات: 352 صفحة من القطع المتوسط
    Richard wagner
    Michael saffle
    Taylor and francis - London 2005

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 2:16 am