.........

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    دراسة نقدية لمجموعة للثلج لون آخر بقلم الناقد علي الصيرفي

    aliserafi
    aliserafi
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    ذكر عدد الرسائل : 61
    العمر : 74
    مكان الإقامة : سورية حمص
    تاريخ التسجيل : 23/02/2009

    دراسة نقدية لمجموعة للثلج لون آخر بقلم الناقد علي الصيرفي Empty دراسة نقدية لمجموعة للثلج لون آخر بقلم الناقد علي الصيرفي

    مُساهمة من طرف aliserafi الثلاثاء يونيو 23, 2009 4:32 pm

    للثلج لون آخر

    زوبعة استوائية تكبر في وجدان الزمن
    عبير إسماعيل Shocked
    بقلم الناقد: علي الصيرفي Laughing




    ربما كانت التطلعات المتتالية لخلق كون فسيح تمتد على مسطحاته أمنيات ملوثة تتأتى منها رياح التغير لتصبح الكثير من الموجودات أدوات تتناولها رؤية القص وتجمع من مفرداتها سطور الموضوعات المترامية عند أهداب الأديبة عبير إسماعيل فالقص يمكن أن يكون المنفذ والأمين على كل المخزون الفكري لديها فمنه تعرج الكاتبة على صناديق العمر ومفاتيح الأبواب لكل المدخرات التي تحاول الأخذ منها والانطلاق بها إلى جدول المعرفة المرتسم أمامها ، وليست تلك المحاولات سوى إشارات ودلالات تتوزع على أزمنة عرفتها الأديبة وعملت على إظهارها والتحدث عنها وكان ذلك واضحاً في مجموعتها المتقدمة ( للثلج لون آخر) والتي صدرت في العام 2001م Surprised

    تنطلق الأديبة من المفهوم النظري للقص مطبقة هذا المفهوم بصورة عملية أكثر وضوحاً وتنقله إلى مشكلة المعرفة والفكر والعمل من خلال التراث للفهم العملي معتبرة القص هو بنية الفهم الأساسية لكل المقولات النظرية التي تعمل من خلالها وتعني بها الصفة العامة للقص وهي القوة الكامنة في عملية الكتابة والتي تسيطر علينا ، والقص عند الأديبة يؤكد توغلها في عالم بيئتها وحركة المجتمع التي تنتمي له ، والعادات التي تحدد أبعاد المفاهيم الموروثة في بيئة تحاصرها أفكار في أغلب الأحيان هي عوائق وموانع مطبقة على أركان المجتمع بكل شرائحه ، وهي تستوعب هذا الكم من الموجود المترهل ، وتعرف أن عالمها يحرم عليها إلى حد معين الظهور الكامل لما تريد من أفكار ـ بل هي تعلم أنها ربما تمردت كثيراً عندما التبست عليها ممكنات الموجود الجمعي .

    ومن الممكن أن تعمل أكثر لتؤكد أن العمل الكتابي متداخل في جذور المجتمع ، الذي تعيش في أحضانه وهي ترى شدة الصراع المتصاعد في كل الأمكنة المتوترة في بيئتها ، والذي تتعايش مع هذا الظرف بصورة بيانية متصاعدة ، فهي ترى نفسها تكتب القص بلغة يفهمها الجميع ، وإن الرغبة المدهشة التي تمتلكها الكاتبة في سرد الحوادث والاستعداد النفسي للإقرار مباشرة بحركات سردية إيمانية ولفظية ذات قوالب متطورة في أطر تعمل الكاتبة على دعمها وإظهارها فتشحذ كل سيرورات القص التي تخدم الكتابة وتحدد المناطق والأزمنة وهي نزعة طبيعية استحضرتها الأديبة حيث تعيد التوازن النفسي لعملها مما يدل على قدرتها الذاتية الناشئة عن احترام الآخرين واحترام التفكير الجمعي .

    (همهم أحد المسنين وهو يضرب معوله في الأرض ، الدنيا لفظته والآخرة ترفض أن تستقبله بنواله قبراً جميلاً سوره بقضبان من الحديد زرعوا حوله الياسمين والقرنفل والجوري والريحان لكن الورود كلما تفتحت عبقت رائحة كريهة في الأجواء تذكر برائحة أيام الثلج الطويلة) ص 23

    من هنا ترى الأديبة عبير إسماعيل أن القص مسألة تفكير قبل كل شيء ، وينبغي أن تؤخذ بمعناها الأعم وترى أن الإرادة تتطلب من العمل القصصي أن يتجه إلى الحد الأقصى من المعرفة لأنه يدفع بنا نحو الهدف وترى أن القص يتم بالجهد دون قسر أو تمزق داخلي بل علينا أن نحطم عادات وتقاليد زائفة ولهذا ترى أن هذه المواجهة تتطلب قدرة ذاتية تدل على إرادة حقيقية وهي ترى ذلك متواجداً في الكتابة حيث أن القص حزم متراصة من التفكير ، تتطلب أن نوجه قوانا نحو الأحداث، فالإرادة فاعلة وهادفة إلى تحرير الكتابة من ذاتها عند الكاتبة إنها سيادة الفكر وهيمنته على العالم فالمسألة عندها مثقافة وتطور فالحيوية شرطه والإرادة القوية هي إحدى أدواته فلا مكان لكتابة من غير قص أحسن كاتبه الاختيار والأدوات فهي ترى أنه لا وجود للكسالى والمرضى في العمل القصصي إنه جهد نظيف يبحث عن الهدف وعن الصور الناقصة في بناء المجتمع، لتحديد أشكالها وإعادة تصويرها ، وهذا يتيح للكاتبة أن تقول بأن القص ينطلق من المنطقة التي تسبق الكتابة .إنه فعل حر أصيل ، يعمل ضمن آلية التفكير والإرادة والواقع .

    إن بناء الهيكل القصصي يعتمد أن تكون الأشياء هي الإمكان الأكثر استعمالاً عند الكاتبة وهي أدوات يمكن للفكر أن يمسك بها وترى الأديبة أن طبيعة الفعل القصي ينصب على حرية الكاتب فهو يقدم فكرة تساعد على تصحيح المشاعر وتعني بذلك إنها تتجه نحو حالات فعلية مترابطة بحيث تكون المشاعر أحياناً غير متوافقة وتتعارض حباً وكرهاً ، اضطهاداً وتعسفاً ، وكأنما تقول بأن الإنسان هو مقياس الأشياء كلها ، وهذا التفسير تدركه الكاتبة عبير وتتخذ منه صورة للقص وهي معنية بكل ما تقوله خلال كتابتها وهذا الاستمرار يزيد من القلق حيث تحاول الكاتبة الخروج من المشكلة التي تطوق وجودها وتستعمل كل حيلة حيث تقف في مواجهة كل هذا الكم من الخراب والعنف والتسلط وترى أن الأمور لا تتغير بالصمت بل يجب أن نتكلم وأن نصرخ باستمرار وخاصة في مثل هذه المواقف المتردية التي تكشف زيف المشكلات ، فهي تعمل على كشف المحيط الذي يسيطر على رغبات الآخرين وتعمل على فضح تلك الممارسات السيئة من خلال همسات قوية لها صوت حاد يثقب جدران الأسوار المتوضعة في كل مكان من عالم الكاتبة .

    (هذا الفاسق الماجن لم تسلم منه امرأة أية فائدة نجنيها من وجودها معنا فاقترح آخر:

    لِمَ لا يكون ابن رشد العالم والفيلسوف العظيم

    زعق الرجل الجالس قبالته :
    - الفلسفة من الزندقة ....لا حاجة لنا بمثله في وقتنا الحاضر



    قال آخر:

    ليكن عبد الملك ابن مروان ) ص29

    وتساعد ظاهرة اللغة في وضع اعتبارات مزدوجة الدلالة ، فهل يمكن أن تكون اللغة أداة للتوصيل أو وسيلة للتنقل السريع المخادع عند الكتابة ، إن الأديبة تتحكم بهذه المعايير وتسلك طرائق علمية للتحدث الكثيف ، فليست اللغة تصويراً للواقع فحسب بل يمكن أن نحكم عليها بالصدق ،إذ أن كل جزء من هذه الصورة هو إحدى الوقائع ويطابقها ، لذلك ترى الكاتبة أن هنالك عوالم متعددة يتكون منها القص حسب المنظور الجزئي والخاص للحدث ، وتعمل على هذا النمط حيث تسأل : إننا نعيش في هذا العالم وهو بالتأكيد جزء من المعنى الذي تريده الكاتبة عبير إسماعيل ، وهذه الرؤية للعلاقة بين الكتابة والقص كان لها الدور البارز عندها فهي تميل إلى التركيز على مشكلة علاقة الإنسانية بالقص وبالعكس، وتبين علاقة الناس بعضهم ببعض وتتبع القاصة عبير أشكال تطور الكتابة ، وتتعقب أنماطها محاولة أن تصل إلى لون من ألوان الفهم لذاتية الكتابة القصصية حيث تظهر قدرتها على الإعلان عن طريقة مميزة في التفكير محاولة النفاذ مباشرة إلى الأحداث المعقولة التي يفترض أنها الأساس في نشأت القص ، وترى أن هناك اتفاقاً في النظر إلى استخدام الأسطورة دون تفسيرها :

    ( على برد الألواح ، فتحترق راسمة صفحات بأبجدية بدأتها لنا عند الفاء وأنهتها بـ(النون) فلم نقدس حروفاً غيرها ، ولم نكتب لمعشوقاتنا رسائلنا إلا بها ولم تذرف المحبوبات كحلهن بريقها )ص 38

    إنها تعتقد أن أية طريقة من هذه الطرق في تفسير الرمز كافية بذاتها فالرموز ظاهرة معقدة وهي تنتمي إلى فترة من الثقافة البشرية لم تكن قد ظهرت فيها أمور مميزة في اللغة فهي ترى من المشروع استخدام أكثر من طريقة تفسيرية في المحاولات التي تبذل لفض شيفرة معنى الرموز ومع ذلك فهي ترى أن القص له أهمية أساسية في التأثير والعمل على خلق جو عالي التوتر يمكن للمتلقي أن يتجاوب معه ويتم به التواصل.

    إنها ترى بأن القص يصارع بالفعل في سبيل توضيح الغموض الذي يكتنف صياغته محاولة طرح أسئلة عديدة ، علينا أن نبحث عن إجاباتها وهذه كلها محاولات للتعبير في صور مثولوجية عن وعي للكاتبة وثقافتها فهي تبحث وتدعم جهدها برؤية تعتمد على التحليل وهي محاولات تتبعها الأديبة للعثور على أطر تعمل على فض المغاليق من مناطق المعنى وكشف التعقيد الذي يتصف به المجتمع الذي تتعايش معه الأديبة.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 3:34 pm