أهلا بكم في موضوع جديد حيث نخصص الحديث في كل شهر عن شخصية بارزة في حياتنا ..
واخترنا أن يكون البدء مع الشاعر السوري الكبير ( محمد الماغوط )رحمه الله..
شاركونا في وضع ملف كامل عن الماغوط هنا..حياته ..لقاءاته الصحفية..أشعاره..ما قيل فيه..وكل شيء عنه..نرحب بمشاركاتكم..
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
بداية، نسأل: محمد الماغوط الآن.. لماذا؟
هل ثمة مناسبة تقضي بنشر "ملف" خاص بهذا الشاعر تحديداً؟
وهل نستطيع الادعاء برابط ما بين الماغوط، أعماله الشعرية والمسرحية ومقالاته النثرية، وبين ما يجري في عالمنا اليوم، في زمن العولمة، زمن أمريكا وتابعيها، ونحن نقرأ ما يقال عن كون الماغوط ينأى بنفسه عن القضايا الكبرى، ويركز الضوء على التفاصيل والقضايا الصغيرة؟ فهل هو حقاً كذلك؟ أليس هو القائل "سأظل مع القضايا الخاسرة حتى الموت/ مع دمشق القديمة كملامحي"!
لعل الماغوط من أكثر من أثاروا القضايا الكبرى في تاريخ كتابتنا الشعرية المعاصرة، حتى لو قال هو غير ذلك. فحين يكتب شاعر، في الستينات، عن العدالة الناقصة "العدالة التي تشمل الجميع وتستثني فرداً واحداً ولو في مجاهل الأسكيمو، هي عدالة رأسها الظلم وذيلها الإرهاب. والرخاء الذي يرفرف على موائد العالم ويتجاهل مائدة واحدة في أحقر الأحياء، هو رخاء مشوه".
وحين يطالب ب "الكل أو لا شيء، طالما أن الشمس تشرق على الجميع، طالما أن السنبلة الأولى لم تكن ملكاً لأحد"، حين يكتب مثل هذا، فهو يجعلنا نتساءل، ونحن نقرأ روايته "الأرجوحة" (كتبها عام 1963، ولم تصدر طبعتها الأولى إلا عام1974)، عن أي إرهاب كان يتحدث الماغوط في ذلك الوقت؟
وهل كان- آنذاك- ثمة "إرهاب" ناجم عن نقص العدالة، كما يحدث الآن، أم أنه كان حينذاك يرى إلى المستقبل الذي هو "الآن" حقاً؟
أهي نبوءة الشاعر الرائي، أم ربما كانت القضية مرتبطة بجوهر الصراع في العالم، فهو صراع بين عالمين، صراع تلخصه عبارة في قصيدة، أحياناً، كما في قوله "نزرع في الهجير ويأكلون في الظل"، أو محاورة في مسرحية، أو مشهد في رواية. وهنا يكفي أن نعود إلى قصيدته "الظل والهجير"، ففيها صراع بين "هم ونحن.."، حيث يخاطب الشاعر حبيبته:
حبيبتي
هم يسافرون ونحن ننتظر
هم يملكون المشانق
ونحن نملك الأعناق
هم يملكون اللآلئ
ونحن نملك النمش والتواليل
نزرع في الهجير ويأكلون في الظل
(من مجموعة "الفرح ليس مهنتي").
كان رائياً كبيراً، لأنه كان شاعراً صادقاً وحقيقياً وشرساً، وهذا ما نفهمه من شهادة الشاعر نزار قباني، حين قال له "أنت، يا محمد، أصدقنا..أصدق شعراء جيلنا. حلمي أن أكتب بالرؤى وبالنفس البريء، البعيد النظر الذي كنت تكتب به في الخمسينات. كان حزنك وتشاؤمك أصيلين.. وكان تفاؤلنا وانبهارنا بالعالم خادعاً".
أما شراسته، شراسة لغته وكلماته، فيصفها الشهيد غسان كنفاني بأنها "كلمات مسلحة بالمخالب والأضراس. ومع ذلك، فإنها قادرة على تحقيق إيقاع عذب ومدهش، وأحياناً مفاجئ. كأن يتحول صليل السلاسل إلى عزف منفرد أمام عينيك ذاتهما في لحظة واحدة".
فالماغوط، الناثر، لم يترك قضية، كبرى كانت أم صغرى، إلا وراح يُجري جرداً لها في واحد من مقالاته التي درج على نشرها في مجلة الوسط بين 1998و2001، ثم جمعها في كتابه "سياف الزهور" (افتتح الكتاب بقصيدته التي تحمل العنوان نفسه، والموجهة إلى رفيقة دربه سنية صالح). نأخذ من مقال "اغتصاب كان وأخواتها"، مطلعها على سبيل المثال "فجأة، ودون سابق إنذار، ركنوا جانباً قضية فلسطين، وتعثر المفاوضات على المسارات كلها، واستمرار قصف الجنوب، وحصار العراق، واحتمال تقسيمه إلى حارات وأزقة، والحلف التركي- الإسرائيلي، ولوكربي، والمذابح في الجزائر، والوضع المتفجر في البلقان والقرن الأفريقي، وقضية أوجلان.."، فهل ثمة، في الكون، قضايا أكبر من هذه؟
وهو حين يسخر من السياسة، يحن إلى "الدفاتر المدرسية القديمة.. خاصة تلك التي على غلافها الأخير صورة جدول الضرب، وعلى الغلاف الأول صورة الكشاف أو الطالب المجد بكتابه المرفوع في الهواء، وخطواته الثابتة الواثقة وقد كتب تحتها: إلى الأمام.. لا إلى: مدريد.. وأوسلو وواشنطن وتل أبيب!!". كما أنه لا يجد أغرب من العرب، يلخص حالنا في أن "بلادنا غارقة في المرض والجهل والبطالة والديون والعمالة والجنس والحرمان والمهدئات والمخدرات والوصولية والأصولية والطائفية والعنف والدم والدموع، ونحن مشغولون بغرق تيتانيك". (سياف الزهور، دار المدى، أواخر عام 2001).
عمر شبانة -موقع جهات
واخترنا أن يكون البدء مع الشاعر السوري الكبير ( محمد الماغوط )رحمه الله..
شاركونا في وضع ملف كامل عن الماغوط هنا..حياته ..لقاءاته الصحفية..أشعاره..ما قيل فيه..وكل شيء عنه..نرحب بمشاركاتكم..
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
بداية، نسأل: محمد الماغوط الآن.. لماذا؟
هل ثمة مناسبة تقضي بنشر "ملف" خاص بهذا الشاعر تحديداً؟
وهل نستطيع الادعاء برابط ما بين الماغوط، أعماله الشعرية والمسرحية ومقالاته النثرية، وبين ما يجري في عالمنا اليوم، في زمن العولمة، زمن أمريكا وتابعيها، ونحن نقرأ ما يقال عن كون الماغوط ينأى بنفسه عن القضايا الكبرى، ويركز الضوء على التفاصيل والقضايا الصغيرة؟ فهل هو حقاً كذلك؟ أليس هو القائل "سأظل مع القضايا الخاسرة حتى الموت/ مع دمشق القديمة كملامحي"!
لعل الماغوط من أكثر من أثاروا القضايا الكبرى في تاريخ كتابتنا الشعرية المعاصرة، حتى لو قال هو غير ذلك. فحين يكتب شاعر، في الستينات، عن العدالة الناقصة "العدالة التي تشمل الجميع وتستثني فرداً واحداً ولو في مجاهل الأسكيمو، هي عدالة رأسها الظلم وذيلها الإرهاب. والرخاء الذي يرفرف على موائد العالم ويتجاهل مائدة واحدة في أحقر الأحياء، هو رخاء مشوه".
وحين يطالب ب "الكل أو لا شيء، طالما أن الشمس تشرق على الجميع، طالما أن السنبلة الأولى لم تكن ملكاً لأحد"، حين يكتب مثل هذا، فهو يجعلنا نتساءل، ونحن نقرأ روايته "الأرجوحة" (كتبها عام 1963، ولم تصدر طبعتها الأولى إلا عام1974)، عن أي إرهاب كان يتحدث الماغوط في ذلك الوقت؟
وهل كان- آنذاك- ثمة "إرهاب" ناجم عن نقص العدالة، كما يحدث الآن، أم أنه كان حينذاك يرى إلى المستقبل الذي هو "الآن" حقاً؟
أهي نبوءة الشاعر الرائي، أم ربما كانت القضية مرتبطة بجوهر الصراع في العالم، فهو صراع بين عالمين، صراع تلخصه عبارة في قصيدة، أحياناً، كما في قوله "نزرع في الهجير ويأكلون في الظل"، أو محاورة في مسرحية، أو مشهد في رواية. وهنا يكفي أن نعود إلى قصيدته "الظل والهجير"، ففيها صراع بين "هم ونحن.."، حيث يخاطب الشاعر حبيبته:
حبيبتي
هم يسافرون ونحن ننتظر
هم يملكون المشانق
ونحن نملك الأعناق
هم يملكون اللآلئ
ونحن نملك النمش والتواليل
نزرع في الهجير ويأكلون في الظل
(من مجموعة "الفرح ليس مهنتي").
كان رائياً كبيراً، لأنه كان شاعراً صادقاً وحقيقياً وشرساً، وهذا ما نفهمه من شهادة الشاعر نزار قباني، حين قال له "أنت، يا محمد، أصدقنا..أصدق شعراء جيلنا. حلمي أن أكتب بالرؤى وبالنفس البريء، البعيد النظر الذي كنت تكتب به في الخمسينات. كان حزنك وتشاؤمك أصيلين.. وكان تفاؤلنا وانبهارنا بالعالم خادعاً".
أما شراسته، شراسة لغته وكلماته، فيصفها الشهيد غسان كنفاني بأنها "كلمات مسلحة بالمخالب والأضراس. ومع ذلك، فإنها قادرة على تحقيق إيقاع عذب ومدهش، وأحياناً مفاجئ. كأن يتحول صليل السلاسل إلى عزف منفرد أمام عينيك ذاتهما في لحظة واحدة".
فالماغوط، الناثر، لم يترك قضية، كبرى كانت أم صغرى، إلا وراح يُجري جرداً لها في واحد من مقالاته التي درج على نشرها في مجلة الوسط بين 1998و2001، ثم جمعها في كتابه "سياف الزهور" (افتتح الكتاب بقصيدته التي تحمل العنوان نفسه، والموجهة إلى رفيقة دربه سنية صالح). نأخذ من مقال "اغتصاب كان وأخواتها"، مطلعها على سبيل المثال "فجأة، ودون سابق إنذار، ركنوا جانباً قضية فلسطين، وتعثر المفاوضات على المسارات كلها، واستمرار قصف الجنوب، وحصار العراق، واحتمال تقسيمه إلى حارات وأزقة، والحلف التركي- الإسرائيلي، ولوكربي، والمذابح في الجزائر، والوضع المتفجر في البلقان والقرن الأفريقي، وقضية أوجلان.."، فهل ثمة، في الكون، قضايا أكبر من هذه؟
وهو حين يسخر من السياسة، يحن إلى "الدفاتر المدرسية القديمة.. خاصة تلك التي على غلافها الأخير صورة جدول الضرب، وعلى الغلاف الأول صورة الكشاف أو الطالب المجد بكتابه المرفوع في الهواء، وخطواته الثابتة الواثقة وقد كتب تحتها: إلى الأمام.. لا إلى: مدريد.. وأوسلو وواشنطن وتل أبيب!!". كما أنه لا يجد أغرب من العرب، يلخص حالنا في أن "بلادنا غارقة في المرض والجهل والبطالة والديون والعمالة والجنس والحرمان والمهدئات والمخدرات والوصولية والأصولية والطائفية والعنف والدم والدموع، ونحن مشغولون بغرق تيتانيك". (سياف الزهور، دار المدى، أواخر عام 2001).
عمر شبانة -موقع جهات
عدل سابقا من قبل شادي في السبت ديسمبر 13, 2008 6:53 am عدل 1 مرات