الرأي رأيك
تحدث لأعرفك!
-1-
تحتاج شخصاً أكبر منك مساحةً فضائية، وأوسع منك مخزوناً فكرياً، ليحتويك ويسمعك، ويرشدك إلى الضوء المشع.... تجتمع بالكثيرين من السفسطائيين... يلتفون حولك، لكنك لا تشعر بطعم ولذة الكلمة التي تقف على جدار قلبك دون أن تدخله.. فهي كلمة رياء.. بلا طعم.. وبلا هوية!.
تتوجع.. تضجر.. تفجّر محتوياتك.. وتتمنى أن تتناثر.. وهم: الغوغائيون.. لا يخجلون ولا يستحون!.. بل تراهم بكل ثقة يتكلمون... لذلك فأنت تحتاج لمن هو أكبر منك مساحةً فضائية وأوسع فكراً.. ليحتويك.. ويخفف من ضجرك وحزنك ويلملم أشلاءك... قل له كل ما يجول في خاطرك، واطرح على مسامعه كل تساؤلاتك، لتصل إلى جواب يريحك ويهدئ روحك.. ويدلّك إلى بقعة النور.
وبالتأكيد، «ليس كل ما يلمع ذهباً».. وليس كل من تأنّق وتعطّر يجيد لغة الحوار... ويمتلك مخزوناً فكرياً قادراً على إدارة نقاش فعّال وجاد.
-2-
الحكمة تقول: «تحدث لأعرفك».. فعندما تتحدث بحضور واحد أو عشرة، فالمعلومة التي تطرحها، يتلقفها من حولك، وعندما يبدأ الآخر بالحديث، فإن عقلك ينشط ويتفاعل بالتأكيد، فيضم هذه المعلومة له، وتطبق عليها الذاكرة، لتستفيد منها في لحظة ما، ولنقول في لحظة يأس حيث تخرجك وتبعدك عن الإحراج، وتنمّ أنك تمتلك مفردات مختلفة ومخزوناً فكرياً مختلفاً أيضاً، تحسن توظيفها بالوقت الذي تشاء، ومن يظن بنفسه أنه يعرف كل شيء فهذه مشكلة، بل مرض يسكنه ويتفاقم تدريجياً لينهي وجوده، فيتورم.... لينتفخ ويصبح بالوناً، وبلحظة ما يأتي أحدهم فيفجره ويتبعثر ويتناثر ويغيب في الهواء دون أي أثر وتأثير.
-3-
أنت بحاجة لمن هو أكبر منك مساحة فضائية وفكرية، ليعلمك، ويدربك، ويعيد تأهيلك بما يناسب... لا أن تظن بنفسك أنك أنت الكبير، والقادر على أن تضم الأكبر منك مساحة وفكراً وأخلاقاً وانتماءً...
العلم نور، والنور بهجة ولذة، وكلما ازددتَ ثقافة، ازداد تواضعك حباً، وازدادت مساحتك الإنسانية، ليكتشفك من حولك ويثق بحديثك، وبالتالي: يحترمك ويجلك.
تنازل عن تورمك، عن عرشك الهشّ، ولا تقل إنك تعرف كل شيء، لأنك بالأساس لا تعرف شيئاً، وهنا تختبئ فقاعاتك الفكرية وازدواجيتك وانفصامك الشخصي، اشتغل على روحك لتتصالح مع ذاتك، ومن ثم لتكون صديقاً لمن حولك، فمشكلة مجتمعنا تكمن بالفقاعات الفكرية التي منها تتكون ثقافات أمثالك الذين يتبجحون بمفرداتها في المقاهي والملاهي والمراكز الثقافية والملتقيات الأدبية، فأحد دعاة الثقافة يضرب زوجته التي كتب لها يوماً ما: «عندما رأيتك أحببتك... فأنت حبي الوحيد».
وهنا تقبع المشكلة، في «الأنا» التي تتوج بالانفصام لشخصية مختلفة ما بين الليل والنهار، في النهار تتأبط مجموعة من الصحف والكتب، وتجالس المعارف المتجمعين حولك مع فنجان قهوة لا تعرف كيف ترتشفه، تتهم الفلاسفة والباحثين، وتطلق مفردات دماغك التي حشوتها من فكرهم، وفي الليل تأتي المعاناة: الأوراق البيضاء تئن من رائحتك النتنة وأقلامك المسروقة، وزوجتك تندب بداخلها حظها السيئ، وتضم ألامها بين أضلاعها، فهي أم لخمسة أولاد ستضرب بأقدامهم كل محتوياتك، فاحذر منها عندما تحقد، على فلسفتك وتورمك وسفسطائيتك.. عندها لا يجدي الندم نفعاً.. لأن شاهدة قبرك قد انكسرت وتلاشت مع الرحيل،
فالحياة قطعت الحبل السري معك... لذلك كان الانفصال.
أغيد محفوض
تحدث لأعرفك!
-1-
تحتاج شخصاً أكبر منك مساحةً فضائية، وأوسع منك مخزوناً فكرياً، ليحتويك ويسمعك، ويرشدك إلى الضوء المشع.... تجتمع بالكثيرين من السفسطائيين... يلتفون حولك، لكنك لا تشعر بطعم ولذة الكلمة التي تقف على جدار قلبك دون أن تدخله.. فهي كلمة رياء.. بلا طعم.. وبلا هوية!.
تتوجع.. تضجر.. تفجّر محتوياتك.. وتتمنى أن تتناثر.. وهم: الغوغائيون.. لا يخجلون ولا يستحون!.. بل تراهم بكل ثقة يتكلمون... لذلك فأنت تحتاج لمن هو أكبر منك مساحةً فضائية وأوسع فكراً.. ليحتويك.. ويخفف من ضجرك وحزنك ويلملم أشلاءك... قل له كل ما يجول في خاطرك، واطرح على مسامعه كل تساؤلاتك، لتصل إلى جواب يريحك ويهدئ روحك.. ويدلّك إلى بقعة النور.
وبالتأكيد، «ليس كل ما يلمع ذهباً».. وليس كل من تأنّق وتعطّر يجيد لغة الحوار... ويمتلك مخزوناً فكرياً قادراً على إدارة نقاش فعّال وجاد.
-2-
الحكمة تقول: «تحدث لأعرفك».. فعندما تتحدث بحضور واحد أو عشرة، فالمعلومة التي تطرحها، يتلقفها من حولك، وعندما يبدأ الآخر بالحديث، فإن عقلك ينشط ويتفاعل بالتأكيد، فيضم هذه المعلومة له، وتطبق عليها الذاكرة، لتستفيد منها في لحظة ما، ولنقول في لحظة يأس حيث تخرجك وتبعدك عن الإحراج، وتنمّ أنك تمتلك مفردات مختلفة ومخزوناً فكرياً مختلفاً أيضاً، تحسن توظيفها بالوقت الذي تشاء، ومن يظن بنفسه أنه يعرف كل شيء فهذه مشكلة، بل مرض يسكنه ويتفاقم تدريجياً لينهي وجوده، فيتورم.... لينتفخ ويصبح بالوناً، وبلحظة ما يأتي أحدهم فيفجره ويتبعثر ويتناثر ويغيب في الهواء دون أي أثر وتأثير.
-3-
أنت بحاجة لمن هو أكبر منك مساحة فضائية وفكرية، ليعلمك، ويدربك، ويعيد تأهيلك بما يناسب... لا أن تظن بنفسك أنك أنت الكبير، والقادر على أن تضم الأكبر منك مساحة وفكراً وأخلاقاً وانتماءً...
العلم نور، والنور بهجة ولذة، وكلما ازددتَ ثقافة، ازداد تواضعك حباً، وازدادت مساحتك الإنسانية، ليكتشفك من حولك ويثق بحديثك، وبالتالي: يحترمك ويجلك.
تنازل عن تورمك، عن عرشك الهشّ، ولا تقل إنك تعرف كل شيء، لأنك بالأساس لا تعرف شيئاً، وهنا تختبئ فقاعاتك الفكرية وازدواجيتك وانفصامك الشخصي، اشتغل على روحك لتتصالح مع ذاتك، ومن ثم لتكون صديقاً لمن حولك، فمشكلة مجتمعنا تكمن بالفقاعات الفكرية التي منها تتكون ثقافات أمثالك الذين يتبجحون بمفرداتها في المقاهي والملاهي والمراكز الثقافية والملتقيات الأدبية، فأحد دعاة الثقافة يضرب زوجته التي كتب لها يوماً ما: «عندما رأيتك أحببتك... فأنت حبي الوحيد».
وهنا تقبع المشكلة، في «الأنا» التي تتوج بالانفصام لشخصية مختلفة ما بين الليل والنهار، في النهار تتأبط مجموعة من الصحف والكتب، وتجالس المعارف المتجمعين حولك مع فنجان قهوة لا تعرف كيف ترتشفه، تتهم الفلاسفة والباحثين، وتطلق مفردات دماغك التي حشوتها من فكرهم، وفي الليل تأتي المعاناة: الأوراق البيضاء تئن من رائحتك النتنة وأقلامك المسروقة، وزوجتك تندب بداخلها حظها السيئ، وتضم ألامها بين أضلاعها، فهي أم لخمسة أولاد ستضرب بأقدامهم كل محتوياتك، فاحذر منها عندما تحقد، على فلسفتك وتورمك وسفسطائيتك.. عندها لا يجدي الندم نفعاً.. لأن شاهدة قبرك قد انكسرت وتلاشت مع الرحيل،
فالحياة قطعت الحبل السري معك... لذلك كان الانفصال.
نقطة. انتهى
أغيد محفوض